إلاّ لأنّها بلغت من الكثرة بحيث لايتغيّر بتلك الأشياء
الواقعة فيها، وإلاّ فنجاسة الماء بالتغيير ممّـا لا ريب فيه.
وممّـا يؤيّد ذلك تضمّن بعضها السؤال عن النقيع[1]،
والمفهوم منه عرفاً هو الماء الذي له استمرار وبقاء، والغالب كثرته، فإنّ القليل
يسرع إليه النفاد[2]
ولا يطول مكثه.
ويؤيّده أيضاً قوله 7في بعضها:«توضّأ من الجانب الآخر»[3]،
وفي بعض آخر: «يتوضّأ من الناحية التي ليس فيها الميتة»[4]،
وغير ذلك ممّـا يؤدّي هذا المعنى.
وفي ذلك كلّه إشعار بأنّ للماء نوع سعة، كما لا يخفى.
وأيضاً فالظاهر أنّ المياه المسؤول عنها كلّها مياه الطرق الواقعة بين مكة
والمدينة، أو بينهما وبين العراق، وقد نقل أنّهم كانوا يعمدون تلك الأيام
إلى بعض الأمكنة، فيعملون فيها حياضاً يستقى فيها، أو أمكنة يعدّونها لاجتماع
السيول والأمطار، لقلّة المياه الجارية في تلك الطرق. وقد أُشير إلى تلك المواضع
في بعض الروايات بماء السيل والسقايات، كما ورد في أخبار الصدقات[5].
وعلى هذا فربما وردت تلك الأخبار مجوّزة للوضوء والغسل وسائر الاستعمالات،
لعلمهم7 بمساحة تلك الحياض المبنيّة والأماكن المعدّة. ويؤيّده
صحيحة صفوان الجمّـال، قال: سألت أبا عبد الله7 عن الحياض التي بين مكة
والمدينة، تردها السباع، وتلغ فيها الكلاب، وتشرب منها الحمير، ويغتسل فيها الجنب،
أنتوضّأ منه؟ قال: «وكم قدر الماء؟» قلت: إلى نصف الساق وإلى الركبة.
قال: