انتفائه، وذلك لايصحّ على القول بالطهارة;
فإنّ مقتضاه نفي البأس مطلقاً. ولايتفاوت الحال في ذلك
بين أن يُراد بالجريان ما يفهم منه ظاهراً،كما ذهب إليه الشيخ في
كتابي الأخبار[1]،
أو يجعل كناية عن الكثرة والغلبة،كما ذهب إليه آخرون[2].
وليعلم أنّ المتبادر من البأس عرفاً هو الحظر
والمنع; وقد نصّ أهل اللغة على أنّ معناه العذاب[3]; فنفي
البأس يقتضي نفي التحريم، ويجامع ما عداه من الأحكام.
وعلى هذا فلا يرد ما قيل[4]:
إنّ نفي البأس نفي للحرمة والكراهة معاً، فثبوته يقتضي ثبوت
أحدهما، فلا يتعيّن به ثبوت الحرمة; لأنّ العام لا يدلّ على
الخاصّ.
ووجه الدفع ظاهر ممّـا قررناه. ويؤيّده ما
نُقل عن الشهيد[5]
أنّ المتبادر من لفظ «لا بأس» كلّما وردت في كلام الأئمة : هو الكراهة; مدّعياً ظهوره من التتبّع; وكذا ما قيل من أنّ
نفي البأس يُشعر بثبوت نوع مّا من البأس[6].
الرابع عشر: ما رواه ثقة الاسلام الكليني، في
الصحيح، عن شهاب بن عبد ربّه، عن أبي عبد الله 7، في
الرجل الجنب، يسهو فيغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها: «إنّه لا
بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء»[7].
ووجه الاستدلال بهذه الرواية ظاهر ممّـا تقدّم،
لكن طريقها لا يخلو عن إشكال.
[1]. التهذيب 1 : 436 / 1296 ،
الزيادات في باب المياه ، ذيل الحديث 51 ، ولم نعثر عليه في
الاستبصار .
[2]. كالعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار
77 : 11 ـ 12 ، كتاب الطهارة ، حيث حمله على استيلاء الماء
على النجاسة.
[6]. ذكر الشهيد الثاني في الرعاية :
207 ، أنّ نفي البأس يوهم البأس ، وذكر البحراني في الحدائق الناضرة
23 :
563 ، أنّه : « قيل إنّ نفي البأس لا يخلو من البأس » .
[7]. الكافي 3 : 11 ، باب الرجل
يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ... ، الحديث 3 ، وسائل الشيعة
1 : 152 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب
8، الحديث 3 .