لايدلّ على أنّ كلّ ما لا يؤكل لحمه لا يتوضّأ منه ولا
يشرب; بل جاز اقتسامه إلى قسمين»[1].
فما ذكره من أنّ فرض حجّية المفهوم يقتضي كون الحكم الثابت للمنطوق
منفيّاً عن غير محلّ النطق، إن أراد به السلب الكلّي فهو ممنوع،
كيف وهو عين النزاع، وإلاّ فمسلّم لكن لا يجدي نفعاً، مع
أنّ المنطوق والمفهوم من أقسام الدلالة، كما صرّح به شارح المختصر[2]
وغيره[3]، وإنّما سمّيت بذلك نظراً إلى موضوع
الحكم، فإن كان مذكوراً كان دلالة اللفظ على حكمه منطوقاً، سواء
ذُكر الحكم ونُطق به أو لا، وإلاّ كان مفهوماً كذلك.
وعلى هذا، فالمنطوق في المثال المفروض هو دلالة اللفظ على جواز الوضوء
والشرب من سؤر المأكول اللحم، لا موضوع الحكم، أعني: مأكول اللحم من
الحيوان. وكذا المفهوم هو دلالته على المنع من سؤر غير المأكول[4]،
دون غير المأكول من الحيوان. وإن جعلنا المنطوق والمفهوم وصفين
للحكمـ كما يظهر من كلام ابن الحاجب[5]ـ
كان المنطوق والمفهوم ها هنا نفس الحكمين، لا موضوعهما.
والصواب أن يقال: إنّ ما ذُكر من الاحتجاج على حجّية
المفهوم، على تقدير تسليم دلالته، يدلّ على عمومه; فإنّ
المتبادر من قول القائل: «أعط زيداً درهماً إن أكرمك» هو
عدم تحقّق الإعطاء عند عدم تحقّق الإكرام مطلقاً; إذ هو بمنزلة قولنا:
الشرط في إعطائه إكرامه. وأيضاً فلو وجب الإعطاء من دون تحقّق الإكرام الذي
هو