responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيمان أبي طالب (الحجة على الذاهب إلى كفر أبي طالب) المؤلف : الموسوي، فخار بن معد    الجزء : 1  صفحة : 348

ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَيُّهُمُ الْفَاعِلُ بِكَ فَأَشَارَ النَّبِيُّ ص إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيِّ الشَّاعِرِ فَدَعَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَوَجَأَ[1] أَنْفَهُ حَتَّى أَدْمَاهَا ثُمَّ أَمَرَ بِالْفَرْثِ وَ الدَّمِ فَأَمَرَّ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَإِ كُلِّهِمْ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ أَخِ أَ رَضِيتَ ثُمَّ قَالَ سَأَلْتَنِي مَنْ أَنْتَ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ نَسَبَهُ إِلَى آدَمَ ع ثُمَّ قَالَ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَشْرَفُهُمْ حَسَباً وَ أَرْفَعُهُمْ مَنْصَباً يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ يَتَحَرَّكُ فَلْيَفْعَلْ أَنَا الَّذِي تَعْرِفُونِّي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى صَدْراً مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ‌ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى‌ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً[2].


[1] وجأ: باليد و السكين. ضربه في اي موضع كان، و الاسم الوجاء.

( أقرب الموارد: 1426/ 2).

[2] الآية 25- 26 من سورة الأنعام و هما:« وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَ جَعَلْنا عَلى‌ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً، وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ».-.-« وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ وَ إِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ».

اخرج الطبريّ و غيره من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عبّاس انه قال: إنها نزلت في أبي طالب ينهى عن اذى رسول اللّه6 ان يؤذى، و ينأى ان يدخل في الإسلام.

و قال القرطبيّ في تفسيره: 406/ 6: هو عام في جميع الكفّار- اى ينهون عن اتباع محمّد 7، و ينأون عنه، و قيل: هو خاصّ بابي طالب ينهى الكفّار عن اذية محمّد 7، و يتباعد من الايمان به، عن ابن عبّاس ايضا. روى اهل السير قال: كان النبيّ 6 قد خرج الى الكعبة يوما و أراد ان يصلي، فلما دخل في الصلاة، قال أبو جهل- لعنه اللّه- من يقوم الى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟، فقام ابن الزبعرى فاخذ فرثا و دما فلطخ به وجه النبيّ 6 .. الخ

و ذكر القرطبيّ القصة بكاملها، حتى أبيات أبي طالب التي اولها:

\sُ« و اللّه لن يصلوا إليك بجمعهم»\Z\E ثمّ اكمل الرواية بما يلي:« فقالوا: يا رسول اللّه هل تنفع نصرة أبي طالب؟

قال: نعم دفع عنه بذلك الغل، و لم يقرن مع الشياطين، و لم يدخل في جب الحيات و العقارب، انما عذابه في نعلين من نار يغلي منهما دماغه في راسه، و ذلك اهون اهل النار عذابا».

و يرى الشيخ الأميني ان نزول هذه الآية في أبي طالب باطل، و قد عقد في( غديره: 3- 8/ 8) فصلا يدفع به أن تكون هذه الآية في حقه من وجوه.

1- احتمال وجود مجهولين بين ابن عبّاس، و حبيب بن أبي ثابت. او عدم ثقة.

2- ان حبيب بن أبي ثابت انفرد به، و لم يروه أحد غيره، و لا يمكن المتابعة على ما يرويه لإقرار جملة من أصحاب الجرح و التعديل بانه مدلس، و يكتب-.- عن الكذابين، و لا يصحّ شي‌ء عنه. و يكفي في ذلك مراجعة( ميزان الاعتدال:

396/ 1، و تهذيب التهذيب 179/ 2).

3- ان الثابت عن ابن عبّاس بعدة طرق مسندة يضاد هذه المزعمة، و ان الآية في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن محمّد ان يؤمنوا به، و ينأون عنه و يتباعدون. كما في( تفسير الطبريّ: 109/ 7 و الدّر المنثور: 8/ 2 و تفسير الآلوسي: 126/ 7). و ليس في هذه الروايات اي ذكر لابى طالب، و انما المراد فيها الكفّار الذين ينهون عن اتباع رسول اللّه او القرآن، و ينأون عنه بالتباعد و المناكرة.

4- ان المستفاد من سياق الآية الكريمة انه تعالى يريد ذمّ أناس احياء ينهون عن اتباع نبيه، و يتباعدون عنه، و ان تلك سيرتهم السيئة التي كاشفوا بها رسول اللّه6 و هم متلبسون بها عند نزول الآية كما هو صريح ما اسلفه من رواية القرطبيّ، و ان النبيّ 6 اخبر أبا طالب بنزول الآية.

هذا يتنافى مع ان سورة الأنعام التي فيها الآية المشار إليها نزلت جملة واحدة بعد وفاة أبي طالب ببرهة طويلة.

5- ان المراد بالآيات كفّار جاءوا النبيّ فجادلوه، و قذفوا كتابه المبين بأنّه من اساطير الأولين، و هؤلاء الذين نهوا عنه 6، و عن كتابه الكريم، و نأوا و باعدوا عنه، فأين هذه كلها عن أبي طالب؟. الذي لم يفعل كل ذلك طيلة حياته، و هو الذي نذر نفسه للذب عن الرسول، و الاشادة برسالته.

و قد عرف ذلك المفسرون فلم يقيموا للقول بنزولها في أبي طالب وزنا، فمنهم من عزاه إلى القيل، و جعل آخرون خلافه اظهر، و راى غير واحد خلافه اشبه.

فمنهم الطبريّ في تفسيره 109/ 7 قال: المراد المشركون المكذبون بآيات اللّه ينهون الناس عن اتباع محمد6 و القبول منه، و ينأون عنه و يتباعدون عنه كما ذكر القول بنزولها في أبي طالب و كذلك ذكر قولا آخر، و اردفه بقوله في ص 110-.-« و أولى هذه الأقوال بتاويل الآية قول من قال تاويل و هم ينهون عنه من اتباع محمّد6 من سواهم الناس، و ينأون عن اتباعه».

كما ان ابن كثير في تفسيره 127/ 2 ذهب الى القول الأوّل، لأنّه اظهر.

و أيضا النسفيّ في تفسيره بهامش تفسير الخازن 10/ 2 قال: بالقول الأول، ثمّ قال:

و قيل: عنى به أبو طالب. و الأول اشبه.

و كذلك الزمخشري في الكشّاف 448/ 1، و الشوكانى في تفسيره 103/ 2 و غيرهما ذكروا القولين، و عزوا القول الثاني إلى القيل.

اما الرازيّ في تفسيره 28/ 4 ذكر القولين: نزولها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن اتباع النبيّ و الإقرار برسالته. و نزولها في أبي طالب خاصّة، ثم قال: و القول الأوّل اشبه لوجهين:

الأول: ان جميع الآيات المتقدمة على هذه الآية تقتضى ذمّ طريقتهم فكذلك قوله: و هم ينهون عنه. ينبغي أن يكون محمولا على امر مذموم، فلو حملناه على ان أبا طالب كان ينهى عن ايذائه لما حصل هذا النظم.

الثاني: انه تعالى قال بعد ذلك: و إن يهلكون إلّا انفسهم. يعنى به ما تقدم ذكره، و لا يليق ذلك بأن يكون المراد من قوله، و هم ينهون عنه اذيته، لأن ذلك حسن لا يوجب الهلاك.

و فصل الآلوسي تفسيره في القول الأوّل، ثمّ ذكر الثاني، و اردفه بقوله و رده الامام. ثم ذكر محصل قول الرازيّ.

هذا هو ملخص ما ذكره شيخنا الأميني في صدد هذه الآية، ثمّ ختم حديثه بما يلي:

« و ليت القرطبيّ لما جاءنا يخبط في عشواء و بين شفتيه رواية التقطها كحاطب ليل دلنا على مصدر هذا الذي نسجه ممن اخذه؟ و إلى من ينتهى اسناده؟ و من ذا.- الذي صافقه على روايتها من الحفاظ؟ و اي مؤلف دونه قبله، و من الذي يقول ان ما ذكره من الشعر قاله أبو طالب يوم ابن الزبعرى؟ و من الذي يروى نزول الآية يوم ذلك؟ و اي ربط و تناسب بين الآية و اخطارها النبيّ- 6 على أبي طالب و بين شعره ذاك؟ و هل روي قوله في هذا النسيج: يا عم نزلت فيك آية. غيره من ائمة الحديث ممن هو قبله او هو بعده؟ و هل وجد القرطبيّ للجزء. الأخير من روايته مصدرا غير تفسيره؟ و هل اطل على جب الحيات و العقارب فوجده خاليا من أبي طالب؟ و هل شد الاغلال و فكها هو ليعرف ان شيخ الابطح لا يغل بها؟ ام ان مدركه في ذلك الحديث النبوي؟ حبذا لو صدقت الأحلام و على كل فهو محجوج بكل ما ذكرناه من الوجوه».

و من أراد الاطلاع على مفصل هذا البحث فليراجع الغدير: 3- 8/ 8.

و بعد هذا نعود الى المؤلّف، فلم نر في الأصل ما يشير الى نزول هذه الآية في حقّ أبي طالب او غيره، كلما في الامر ان صدرا من هذه السورة- سورة الانعام- نزلت بعد هذه الحادثة، و منها هذه الآية، و قد يكون المراد منها هو القول الأوّل الذي ذهب إليه جل المفسرين، بانها نزلت في حقّ الكفّار المشركين الذين كانوا ينهون عن اتباع رسول اللّه او القرآن، و ينأون عنه بالتباعد و المناكرة خاصّة و إذا عرفنا انها نزلت بعد وفاة أبي طالب بزمان طويل.

اسم الکتاب : إيمان أبي طالب (الحجة على الذاهب إلى كفر أبي طالب) المؤلف : الموسوي، فخار بن معد    الجزء : 1  صفحة : 348
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست