اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 415
الباب السادس و الخمسون فى الظلم و شؤمه و
سوء عاقبته
قال اللّه تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ
[المائدة: 44] و قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
[المائدة: 45] و قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ
[المائدة: 47].
فكل من لم يحكم بما جاء من عند اللّه و رسوله، كملت فيه هذه الأوصاف
الثلاثة: الكفر، و الظلم، و الفسق.
و قال سبحانه و تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ
[إبراهيم: 42] و قال أحمد بن خضرويه[1]:
لو أذن لي فى الشفاعة، ما بدأت إلا بالظالمين، لأنى تثبّت لتعزية اللّه تعالى فى
قوله: وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ
الظَّالِمُونَ [إبراهيم: 42] قال: و لا أغتنم سفرا لا يكون فيه من لا يؤذينى و
يظلمنى، شوقا منّي لتعزية اللّه تعالى للمظلومين.
و قال ميمون بن مهران: كفى بهذه الآية وعيدا للظالم و تعزية للمظلوم.
و قال كعب لأبى هريرة: فى التوراة: (من يظلم يخرب بيته) فقال أبو
هريرة: و ذلك فى كتاب اللّه تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ
خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا [النمل: 52] فالظلم أدعى شيء إلى سلب
النّعم و حلول النّقم.
و روى مسلم فى الصحيح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما يروى عن
ربه قال: «يا عبادى:
إنى حرّمت الظلم على نفسي[2]
و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا[3]،
[1] - أبو حامد البلخي أحمد بن خضرويه: من كبار مشايخ
خراسان، توفي سنة 240 ه و عمره جاوز التسعين سنة( سير أعلام النبلاء 11/ 487 و ما
بعدها).
[2] - قال العلماء فى معنى( إنى حرمت الظلم على نفسى):
تقدّست عنه و تعاليت. و أصل التحريم فى اللغة: المنع، فسمّى تقدّسه عن الظلم
تحريما، لمشابهته للممنوع فى أصل عدم الشيء.
[3] - أى لا تتظالموا، و المراد: لا يظلم بعضكم بعضا.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 415