اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 414
و قيل له:
وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا.
إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ
[الإسراء: 74، 75].
و مثاله: أن تقول للظالم (أبقاك الله)، و من دعا لظالم بالبقاء فقد
أحب أن يعصي اللّه سبحانه، و هذا باب ينبغى لذوى الدين حفظه.
و قد رأى بعض الفقهاء الخروج من هذه العهدة بالتعريض[1]، و كان الفقية ابن الحصّار[2] بقرطبة: له جار نصرانى، يقضى
حوائجه و ينفعه، و كان الفقية يكثر أن يقول له: (أبقاك اللّه و تولاك، أقرّ اللّه
عينك، يسرّنى و الله ما يسرّك، جعل اللّه يومى قبل يومك)، و لا يزيده على هذه
الكلمات، فيبتهج النصرانى بها و تسرّه، فعوتب الفقيه فى ذلك، فقال: إنّما أدعو
بمعاريض، قد علم اللّه ذلك من نيّتى.
أما قولى: أبقاك اللّه و تولاك: فأريد أن يبقيه اللّه لغرم الجزية و
يتولاه بالعذاب.
و أما قولى: أقرّ اللّه عينك، فأريد أن تقرّ حركتها بستر يعرض لها،
فلا تتحرك جفونها.
و أما قولى: يسرّنى و الله ما يسرّك: فإن العافية تسرّنى كما تسره.
و أما قولى: جعل اللّه يومى قبل يومك: فأريد أن يجعل اللّه تعالى
اليوم الذى أدخل فيه الجنة برحمته، قبل اليوم الذى يدخل فيه النار بكفره.
[2] - الفقية ابن الحصّار: عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد
بن محمد بن بشر القرطبي المالكي المعروف بابن الحصّار أحد الفقهاء و الأذكياء
المتفننين، قال ابن حيان:« لم يكن في وقته مثله» ولي قضاء قرطبة سنة 407 ه و مات
سنة 422 ه( سير أعلام النبلاء 17/ 473).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 414