responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 413

و روى أن حكيما سمع رجلا يذمّ الزمان و أهله، و أنّه قد فسد الناس، و لم يبق أحد يصحب، فقال له: يا هذا: انت طلبت صاحبا تؤذيه فلا ينتصر، و تنال منه فلا ينتصف‌[1]، و تأكل رحله و لا يرزؤك بشى‌ء[2]، و تجفو عليه فيحلم، فلم تنصف فى الطلب، فلم تجد حاجتك. و لكن أن أردت صاحبا يؤذيك فلا تنتصر، و يجفوك فلا تنتقم، و يأكل رحلك فلا تنال منه شيئا، وجدت أصحابا و إخوانا و خلّانا، و أنا أول من يصحبك.

\*\*\* فصل: فى الفرق بين المداهنة و المداراة[3]:

من دارى سلم، و من داهن أثم، و هذا باب اختلط على معظم الخلق، فداهنوا و هم يحسبون أنهم يدارون، فالمداهنة منهيّ عنها، و المداراة مأمور بها.

قال اللّه تعالى فى المداهنة: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ‌ [القلم: 9] و قال النبى صلى اللّه عليه و سلم فى المداراة: «رأس العقل بعد الإيمان بالله التودّد إلى الناس، و أمرت بمداراة النّاس كما أمرت بأداء الفرائض»[4].

و اعلم: أنه إذا سقمت المداراة، صارت مداهنة.

فالمداهنة: ان تداري الناس على وجه يذهب فيه دينك.

و المداراة: مخالفتهم على وجه يسلم لك دينك، و ذلك أنّ هذه الآية نزلت على النبى صلى اللّه عليه و سلم و قد قالت له قريش: يا محمد: اعبد آلهتنا سنة و نؤمن بك، فأبى. قالوا: فشهرا، فأبى، قالوا: فيوما، فأبى، قالوا: ساعة، فأبى، قالوا:

فاستلمها بيدك و نؤمن بك، فوقف النبى صلى اللّه عليه و سلم فى ذلك و طمع إن فعل أن يؤمنوا، فأنزل اللّه تعالى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ‌.


[1] - أى تصيبه بسوء و لا يطلب العدل و الإنصاف.

[2] - تأكل ما معه من الزاد و لا يقاسمك منه شي‌ء.

[3] - المداهنة: مرادفة للخداع و إظهار خلاف ما يبطن( فهى محرّمة) أما المداراة فهى مأخوذة من المداراة و هى الملاطفة و الملاينة( فهى مشروعة).

[4] - الجزء الأول من الحديث: قال الإمام السيوطى فيه رواه البيهقى فى شعب الإيمان عن أنس و أبى هريرة و الحديث ضعيف( الجامع الصغير 4367) أما الجزء الثانى من الحديث فقد رواه الديلمى عن عائشة( كشف الخفاء للعجلوني رقم 679).

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 413
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست