responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 412

وجه أخيك منهيّا عنه، و إنما المكروه: ما ذكرناه فى أول الباب من التملّق و التصنّع.

و فصل الخطاب فى هذا الباب: ما روى هند بن أبي هاله‌[1] فى صفة مجلس النبى صلى اللّه عليه و سلم فقال: (كان أصحابه كأنما على رءوسهم الطير).

و معلوم أن من كان على رأسه طائر لا يبرح، و لا يتحرك، و لا يتكلم و لا يطرف بعينه، حذرا أن ينفر الطائر.

و قال ابن المقفع: كان لى صديق من أعظم الناس فى عينى، و كان رأس ما عظّمه فى عينى صغر الدّنيا فى عينه، كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، و لا يكثر إذا ما وجد، و كان خارجا من سلطان فرجه، فلا يدعو إليه مئونة، و لا يستخفّ له رأيا و لا بدنا، و كان خارجا من سلطان الجهالة، فلا يقدم أبدا إلّا على ثقة بمنفعة، كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذّ القائلين‌[2]، و كان متضاعفا[3] مستضعفا[4]، فإذا جاء الجدّ فهو الليث عاديا[5]، كان لا يدخل في دعوى، و لا يشارك فى مراء[6]، و لا يدلى بحجة، حتى يرى قاضيا عدلا و شهودا عدولا، و كان لا يلوم أحدا على ما يكون العذر فى مثله، حتى يعلم ما اعتذاره، كان لا يشكو وجعا إلا إلى من يرجو عنده البرء، و لا صاحبا إلا من يرجو عنده النصيحة لهما جميعا، و كان لا يتبرّم‌[7]، و لا يتسخّط [و لا يشتكى، و لا ينتقم من الولى‌][8]، و لا يغفل عن العدو، و لا يخصّ نفسه دون إخوانه بشي‌ء من اهتمامه، و حيلته، و قوته، فأقف‌[9] هذه الأخلاق، فإن لم تطق فخذ القليل خير من ترك الجميع.


[1] - هند بن أبى هالة التميمى: ربيب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأمه خديجة بنت خويلد زوجة النبى صلى اللّه عليه و سلم و أبوه هاله كان زوجها قبل النبى صلى اللّه عليه و سلم و قد كان وصّافا وصف النبى صلى اللّه عليه و سلم و مجلسه و أصحابه استشهد يوم الجمل سنة 36 ه.( الإصابة 6/ 557، و الاستيعاب 4/ 544).

[2] - بذ القائلين: غلبهم وفاق عليهم.

[3] - المتضاعف: من يفعل الضعف تواضعا.

[4] - المستضعف: من يستضعفه الناس لفقره.

[5] - عاديا: واثبا.

[6] - المراء: الجدال.

[7] - لا يتبرم: لا يتضجر.

[8] - كذا في( خ) و( ط)، و في كتاب الأدب الكبير لابن المقفع:[ و لا يتشهّى و لا يتشكّى، و كان لا ينقم على الولي‌] و الولي هو الرفيق المحبب.

[9] - أقف أثره: اتّبع أثره، و في الأدب الكبير:[ فعليك بهذه الأخلاق إن أطقت- و لن تطيق- و لكنّ أخذ القليل خير من ترك الجميع‌].

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست