اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 349
الفصل الثامن و الأربعون فى سيرة السلطان
فى بيت المال
و هذا باب سلكت فيه ملوك الطوائف و الهند و الصين و السند، و بعض
ملوك الروم، خلاف سيرة الأنبياء و المرسلين، و الخلفاء الراشدين، فكانت الملوك
تدّخر الأموال، و تحتجبها دون الرعية، و تعدّها ليوم كريهة[1]،
على ما بينا فى الباب قبله، و كانت الرسل و الخلفاء بعدهم تبذل الأموال و لا
تدّخرها، و تصطنع الرعية و توسّع عليها، قكانت الرعية هم الأجناد و الحماة.
و هذه سيرة نبينا محمد صلى اللّه عليه و سلم، و قد علمتم أن جوعه كان
أكثر من شبعه، و أنه مات و درعه مرهونة فى صاع شعير عند يهودى، و كذلك الخلفاء
الراشدون بعده، أبو بكر، و عمر، و عثمان، و على، و ابنه الحسن، و عمر بن عبد
العزيز.
و أن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم، لما فتح الله عليه اليمن، كان
تجبى له الأموال فيفرقها ليومها، و قد توضع فى المسجد، و تفرش الأنطاع[2]، و يفرقها من الغد، و لم يكن له
بيت مال.
و روى أبو داود فى السنن: «أن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم صلى
العشاء الآخرة، ثم دخل حجرته و خرج مسرعا، و فى يديه خريقة فيها ذهب، فقسمه، ثم
قال: ما ظن آل محمد لو أدركه الموت و هذا عنده»[3]؟!
و لم يكن للنبى صلى اللّه عليه و سلم بيت مال، و لا للخلفاء الراشدين
بعده، و إنما كانت الخلفاء تقسم الأموال التى جبيت من حلّها بين المسلمين، و ربما
يفضل منها فضلات، فيجعل فى بيت، فمن حضر من غائب، أو احتاج من حاضر، قسم له حظه،
ثم يفرّق حتى لا يبقى فى البيت منه درهم.
[3] - روى الإمام أحمد فى مسنده مثله عن عائشة أنه كان
عندها ستة دنانير شغلها مرضه 7 عن توزيعها فلما عافاه الله قال لها:« ما
ظن نبىّ الله لو لقى الله عز و جل و هذه عنده» مسند الإمام أحمد 6/ 104 كما رواه
ابن كثير بهذا( اللفظ) فى البداية و النهاية ج 6/ ص 56. و الخريقة:
القطعة من الثوب الممزق.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 349