اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 348
و سمعت بعض شيوخ الأندلس من الأجناد، و
غيرهم يقولون: ما زال أهل الإسلام ظاهرين على عدوهم، و أمر العدو فى ضعف و انتقاص،
لمّا كانت الأرض مقطّعة فى أيدى الأجناد، فكانوا يستغلونها، و يرفقون بالفلاحين، و
يربونهم كما يربي[1] التاجر
تجارته، و كانت الأرض عامرة، و الأموال وافرة، و الأجناد متوافرين، و الكراع[2] و السلاح فوق ما يحتاج إليه، إلى
أن كان الأمر فى آخر أيام ابن ابى عامر[3]،
فرد عطايا الجند مشاهرة بقبض الأموال على النّطع[4]،
و قدّم على الأرض جباة يحبونها، فأكلوا الرعايا و اجتاحوا أموالهم[5]، و استضعفوهم، فتهاربت الرعايا، و
ضعفوا عن العمارة، فقلّت الجبايات المرتفعة إلى السلطان، و ضعفت الأجناد، و قوى
العدو على بلاد المسلمين، حتى أخذ الكثير منها، و لم يزل أمر المسلمين فى نقص، و
أمر العدو فى ظهور، إلى أن دخلها المتلثمون[6]
فردوا الإقطاعات كما كانت فى الزمان القديم، و لا أدرى ما يكون وراء ذلك.