اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 339
الباب الخامس و الأربعون فى صحبة السلطان
قال ابن عباس: قال لى أبي: يا بني إنّى أرى أمير المؤمنين يستخليك[1]، و يستشيرك، و يقدمك على الأكابر،
من أصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم، و إنى أوصيك بخلال ثلاث: لا تفشينّ له سرّا،
و لا يجرينّ عليك كذبا، و لا تغتابنّ عنده أحدا.
قال الشّعبى: قلت لابن عباس: كل واحدة منهن خير من ألف، قال: إي و
الله، و من عشرة آلاف.
و قالوا: صحبة السلطان بالحذر، و الصديق بالتواضع، و العدو بالجهر، و
العامة بالبشر، و لا تحكم لأحد بحسن رأي الملك إلا بحسن أثره.
قال بعض الحكماء: لا تستطلع السلطان ما كتمك، و لا تفش ما أطلعك
عليه. من أدل[2] على
السلطان استثقله، و من امتنّ عليه عاداه و من اظهر أنه يستشيره باعده.
و قال بعض الحكماء: إذا زادك السلطان تأنيسا فزده إجلالا، و إذا جعلك
السلطان أخا فاجعله أبا، و إن زادك إحسانا فزده فعل العبد مع سيده، و إن ابتليت
بالدخول على السلطان مع الناس، فأخذوا فى الثناء عليه، فعليك بالدعاء له، و إن
نزلت منه منزلة الثقة فاعزل عنه كلام الملق[3]،
و لا تكثر فى الدعاء له عند كل كلمة، فإن ذلك شبيه بالوحشة و الغربة[4]، إلا أن تكلمه على رءوس الناس،
فلا تأل بما عظّمته و ذكرته.
و قال ابن المقفع: لتكن حاجتك فى سلطانك ثلاث خلال: رضا ربك، و رضا
سلطانك، و رضا من تلى عليه، و لا عليك أن تلهو عن المال و الذّخر[5]، فسيأتيك منهما ما يكفى و يطيب.