اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 340
و قال مسلم بن عمرو[1]
لمن خدم السلطان: لا تغتر بالسلطان إذا أدناك، و لا تتغيّر إذا أقصاك.
و روى أن بعض الملوك استصحب حكيما، فقال له: أصحبك على ثلاث خلال
قال: و ما هن؟ قال: لا تهتك لى سترا[2]،
و لا تشتم لى عرضا، و لا تقبل فيّ قول قائل حتى تستشيرنى، قال: هذا لك، فما لى
عندك؟ قال: لا أفشى لك سرا، و لا أدخر عنك نصيحة، و لا أوثر عليك أحدا قال: نعم
الصاحب المستصحب[3] أنت.
و قيل لعبد اللّه بن جعفر[4]:
ما الخرق[5]؟ قال
الدالة[6] على
السلطان، و الوثبة قبل الإمكان.
و قال ابن المقفع: أولى الناس بالهلكة الفاحشة، المقدم على السلطان
بالدّالة.
و قال يحيى بن خالد[7] الدّالة
تفسد الحرمة القديمة، و تضر بالمحبة المتأكّدة.
و قال بزرجمهر: إذا خدمت ملكا من الملوك، فلا تطعه فى معصية خالقك،
فإن إحسانه إليك فوق إحسان الملك، و إيقاعه بك أغلظ من إيقاعه. اصحب الملوك
بالهيبة لهم و الوقار، لأنهم إنما احتجبوا عن الناس لقيام الهيبة، فلا تترك الهيبة
و إن طال أنسك بهم، فهو حسبهم منك، لا تعط السلطان مجهودك فى أول صحبتك له، فلا
تجد بعد للمزيد موضعا، و لكن دع للمزيد موضعا. علّم السلطان و كأنك تتعلم منه، و
أشر عليه و كأنك تستشيره، إذا أحلك السلطان من نفسه بحيث يسمع منك و يثق بك، فإياك
و الدخول بينه و بين بطانته، فإنك لا تدرى متى يتغير لك، فيكون عونا عليك، إياك أن
تعادي من إذا شاء يطرح ثيابه، و يدخل مع الملك فى ثيابه.
[1] - مسلم بن عمرو: الباهلى كان يتقلد البصرة مع عبيد
اللّه بن زياد توفى سنة 71 ه.
[2] - هتك ستره: فضحه و أصلها: أن يشق جزءا من الستر
فيبدو ما وراءه.