responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 338

تعليق على الباب الرابع و الأربعين: لى تعليق على هذا الباب، أو على ما أورده الشيخ الطرطوشى فى هذا الباب، من أحكام مستمدة من كتب الهند مثل كليلة و دمنة أو أقوال حكماء الفرس و وزرائهم أو حتى أقوال العرب ... حيث أصدروا حكما عاما بالقسوة و الظلم و عدم الوفاء و الغدر على جميع الملوك و السلاطين، فلم يستثنوا أحدا، مع أن الواقع يخالف هذه الأقوال و يناقض تلك الآراء و الأحكام، فكم من ملك أو سلطان تمتع ناصحوه و مرشدوه و أعوانه و جلساؤه بكل الرعاية و التقدير و لم يتعرض أحد منهم لمثل ما ذكره الكاتب حتى غادروا الدنيا و هم على ذلك.

ثم إن أخذ الأمر على عمومه قد يفهم البعض منه تعطيل شعائر عدة من شعائر الإسلام:

منها: التنفير من قبول منصب الولاية و الإمارة، مع أنه منصب واجب، و قد أفرد ابن تيمية- رحمه الله- فصلا فى كتابه «السياسة الشرعية فى إصلاح الراعى و الرعيّة» سمّاه وجوب اتخاذ الإمارة- ص 169-، و مما قاله: «يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها ...»، و مما قاله أيضا- ص 29-: «إن الراعى إذا اجتهد فى إصلاح رعيته، كان من أفضل أهل زمانه بل من أفضل المجاهدين فى سبيل الله، فقد روى: «يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة» و التجربة تبين ذلك، بل اعتبر رسول الله صلى اللّه عليه و سلم الإمام العادل أول السبعة الذين يظلهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما روي ذلك في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه.

و منها أيضا: تعطيل واجب المشورة للسلطان، حيث لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله تعالى أمر بها نبيه صلى اللّه عليه و سلم بقوله سبحانه: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ كما أثنى على المؤمنين الذين يمارسون هذا الواجب بقوله: ... وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُورى‌ بَيْنَهُمْ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‌.

و منها أيضا: تعطيل شعيرة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، فإذا لم يتصدى العلماء و جلساء الملوك و السلاطين لوعظهم و إرشادهم و تنبيههم إلى طريق الحق و الصواب، فمن يقوم بهذه المهمة إذا؟! و أين العمل بأحاديث رسول الله صلى اللّه عليه و سلم التي تأمر بمناصحة ولاة الأمر، و أذكر منها: قول النبي صلى اللّه عليه و سلم:

«إن الله يرضى لكم ثلاثة: أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا، و أن تعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا، و أن تناصحوا من ولّاه الله أمركم» [رواه مسلم‌]، و قوله: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، و مناصحة ولاة الأمر، و لزوم جماعة المسلمين، لأن دعوتهم تحيط من ورائهم» [رواه أهل السنن‌]، و فى الصحيح عنه أنه قال: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة» قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: «لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامّتهم».

و بمقابل هذا، توجد أحاديث كثيرة أفرد لها العلماء أبوابا خاصة، فالإمام مسلم مثلا جمع في صحيحه أحاديث (كتاب الإمارة) و صنّفها في أبواب منها: (باب النهي عن طلب الإمارة و الحرص عليها) (و باب كراهة الإمارة بغير ضرورة) و (باب فضيلة الإمام العادل و عقوبة الجائر) و غيرها.

و لكننا لم نجد بابا أو حديثا ينفر أو يحذر من صحبة السلطان أو خدمته أو الدخول عليه و نصيحته.

و الله أعلم.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 338
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست