اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 319
بالمواعيد الكريمة، و المراتب السّنيّة[1] و الولايات المشاكلة[2] ففعل ذلك، و حطّ عن أهل خراسان
ربع الخراج، فمالت وجوه الخلائق إليه، و كانوا يقولون: ابن اختنا، و ابن عم نبينا
7، و انقاد إليه رافع بن الليث[3]،
و كان من عظماء الملوك بخراسان.
و يدخل تحت هذه الترجمة، أمر اتفق عليه حكماء العرب و الروم و الفرس
و الهند، و هو: ان تصطنع وجوه كلّ قبيلة، و المتقدّمين من كل عشيرة، و تحسن إلى
حملة القرآن و العلم و حفّاظ الشريعة، و تدنى مجالسهم، و تقرّب الصالحين و
المتزهدين، و كلّ متمسّك بعروة الدين، و كذلك فليفعل بالأشراف من كل قبيلة، و
الرؤساء المتبوعين من كل نمط، فهؤلاء هم أزمّة[4]
الخلق، و بهم يملك من سواهم فمن كمال السياسة و الرئاسة: أن تبقى على كل ذى رئاسة
رئاسته، و على كل ذى عزّ عزّته، و على كل ذى منزل منزلته، فحينئذ يكون الرؤساء لك
أعوانا، و من دانت له الفضلاء من كل قبيلة، فأخلق به أن يدوم سلطانه.
و العامّة و الاتباع دون مقدميهم و ساداتهم و اتباعهم، أجساد بلا
رءوس، و أشباح بلا أرواح، و لمّا قامت العامة على السلطان بقرطبة و لبسوا السلاح،
كان شيخ جالس على كيره[5] يعالج
صنعته، فقال: ما بال الناس؟ قالوا:
قامت العامّة على السلطان، قال: و لهم رأس؟ قالوا: لا، قال: (شقّ
الكير يا صبىّ)[6] فذهبت
مثلا.
[2] - الولايات المشاكلة و ذات الشواكل هى الجانبية
التى تتشعب منها طرق عديدة.
[3] - رافع بن الليث: هو رافع بن الليث بن نصر بن
سيّار، قائد عباسى، خلع طاعة الرشيد فى سمرقند سنة 189 ه و استولى عليها ثم توجه
لقتال الرشيد فانهزم و ضعف أمره، ثم استماله المأمون و قتله سنة 195 ه
[4] - أزمة الخلق: أى قادتهم يقال: فلان زمام قومه: أى
مقدمهم و صاحب أمرهم.
[5] - الكير: جلد غليظ يستعمله الحداد لإشعال النار و
نفخها.