اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 318
الباب السابع و الثلاثون فى بيان الخصلة
التى فيها ملجأ الملوك عند الشّدائد، و معقل السلاطين عند اضطراب الأمور و تغيّر
الوجوه و الأحوال
أيها الملك: إذا اعتلجت الأمور فى صدرك، و اضطربت عليك القواعد، و
مرجت فى قلبك وجوه الرأى، و تنكّرت عليك المعارف، و أكفهرّ لك وجه الزمان، فلا
يغلبنّك خصلتان: اترك للناس دينهم و دنياهم، و لك الأمان فى طوارق الحدثان[1] و ما يأتى به الملوان[2].
و قد روى أنّ المأمون قال فى آخر مواقفه مع أخيه الأمين- و قد نفدت
بيوت الأموال، و ألحّت الأجناد فى طلب أرزاق المأمون-: بقيت لأخى خصلة، لو فعلها
ملك موضع قدمىّ هاتين، قيل له: و ما هى؟ فقال: و اللّه إنى لأضنّ بها على نفسى،
فكيف على غيرى؟ فلما خلص له الأمر، سئل عن تلك الخصلة؟
فقال: لو أن الأمين نادى فى جميع بلاده، أنه قد حطّ الخراجات و
الوظائف السلطانية و سائر الجبايات عشر سنين، لملك الأمر علىّ، و لكن الله غالب
على أمره.
و لما خشى المأمون انتقاض بيعته مع أهل خراسان فى أمر فتنته مع أخيه
الأمين، استشار الفضل بن سهل[3]- و كان
وزيره- فقال له الفضل: قد قرأت القرآن و حديث الرسول صلى اللّه عليه و سلم و الذى
عندى أن تجمع الفقهاء و تدعوهم إلى الحق و العمل به، و إحياء السيرة، و بسط العدل،
و القعود على اللبود، و تواصل النّظر فى المظالم، و تكرم القوّاد و الملوك و أبناء
الملوك، و تعهد
[1] - حدثان الدهر: نوائبه، و طوارق الدهر: مصائبه و
دواهيه.
[3] - الفضل بن سهل: وزير الخليفة المأمون، إيرانى
الأصل، كان مواليا للبرامكة، و معاديا للفضل ابن الربيع( الذى كان مناصرا للأمين و
أبعده المأمون)، و لكن المأمون عاد و نقم على الفضل بن سهل فاغتيل فى الحمام
بإيعاز منه و مات سنة 204 ه
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 318