responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 305

فصل: فى قوله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‌[1]

فى الكلام على الزيادة قال الله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‌ [إبراهيم: 7] فقال قوم: إنّما خاطب الله تعالى بهذا، و بقوله: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‌ [غافر: 60]: قوما دون قوم، و الدليل عليه أنّا نرى من يشكر على الغنى ثم يبتلى بالفقر، و من يشكر على العافية ثم يبتلى بالمرض، و الله تعالى لا يخلف وعده.

و قال قوم: معناه لأزيدنكم نعمة الآخرة، فإن قيل: إنما تكون الزيادة من جنس المزيد عليه، فأجابوا: إنّ النّعم الدنيوية و الأخروية و إن تفاضلت و اختلفت فكلها متجانسة من حيث أنّها نعمة.

و قال قوم: معناه لأزيدنكم خيرا، و الخير و الصلاح قد يكون فى كثير من الأوقات بالمنع و السقم و نحوهما، فإنّ من سأل الله تعالى أن يعطيه مالا، أو يصحّ جسمه، و هو يعلم: انّه إن وهبه المال أنفقه فى المعاصى، أو وهبه الصحة صرف صحته إلى المشى فى الآثام، فالمنع هاهنا موهبة من الله تعالى جزيلة، و عن هذا قال العلماء: (منع اللّه تعالى عطاء).

و قال قوم: يمكن تقدير الاستثناء فيها: أى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‌ إلّا ان تعصوا فأعاقبكم بالحرمان، أفعل ذلك كفّارة لكم .. و هو أصلح من أن أعاقبكم فى الآخرة، و الناس لا يسلمون من الذنوب، و لو تهيّأ أن يسلموا من الذنوب لدرّت الزيادات، قال الله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‌ [المائدة: 66] و قال: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً. يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً. وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ‌ [نوح: 10- 12].

و قال قوم: الآية خاصّة لا محالة، إذ لو كانت على عمومها، لوجب أن لا يموت من شكر اللّه تعالى على الحياة.

قلت: إن اللّه تعالى وعد الزيادة، و قوله الحقّ، و قد جعل الله العبادة علامة، يعرف بها الشاكر، فمن لم يظهر عليه المزيد، علمنا أنّه لم يشكر، فإذا رأينا الغنى يشكر الله تعالى بلسانه، و ماله فى نقصان، علمنا أنه قد أخلّ بالشكر الذى أخذ عليه، إمّا أن لا يزكّيه، أو يزكّيه لغير اهله، أو يؤخّره عن وقته، أو يمنع حقا واجبا عليه، من كسوة عريان، أو إطعام جائع و شبهه،


[1] \* من إضافات المحقق.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست