responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 303

فصل:

الشكر بالجوارح‌[1]:

و أما الشكر الذى على الجوارح، فقال الله تعالى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13] فجعل العمل شكرا.

و قال عطاء[2]: دخلت على عائشة- رضى الله عنها- مع عبيد بن عمير[3]، فقال لها عبيد: يا أمّ المؤمنين: حدّثينا بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى اللّه عليه و سلم، فبكت، و قالت: و أىّ شأنه لم يكن عجبا؟ إنّه أتانى فى ليلة، فدخل معى فى فراشى، حتى مسّ جلدى جلده، ثم قال: يا ابنة أبى بكر؛ ذرينى أتعبّد لربّى، قالت: قلت: إنى أحبّ قربك. فأذنت له، فقام إلى قربة من ماء، فتوضأ و أكثر صب الماء، ثم قام يصلّى، فبكى حتى سالت دموعه على صدره، ثم ركع فبكى، ثم سجد فبكى، ثم رفع رأسه فبكى، فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة، فقلت: يا رسول الله: ما يبكيك و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟

فقال: أ فلا أكون عبدا شكورا؟ فلم لا أفعل و قد أنزل علىّ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‌ [البقرة: 164- آل عمران 190]. فجعل النبىّ صلى اللّه عليه و سلم الشكر بالعمل، و بيّن به مراد الكتاب، قال الله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً [الفرقان: 62] أى كل واحد منهما يخلف الآخر، فمن فاته العمل فى أحدهما عمله فى الآخر، فجعل الأوراد[4] و الأعمال بالجوارح شكرا. و روي أن النبى صلى اللّه عليه و سلم قام حتى انتفخت قدماه، فقيل: يا رسول الله، تفعل هذا و قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخر؟ فقال: (أ فلا أكون عبدا شكورا)![5] و قال أبو هارون: دخلت على أبى حازم‌[6]، فقلت له: رحمك الله، ما شكر العينين؟ قال:

إذا رأيت بهما خيرا أذعته، و إن رأيت بهما شرا سترته.


[1] \* من إضافات المحقق.

[2] - عطاء بن أبى رباح: تابعى ثقة كثير الحديث.

[3] - عمر بن عمير أبو عاصم المكى سبقت ترجمته.

[4] - الورد: جزء من القرآن يقوم به الإنسان كل ليلة.

[5] - الحديث: هذا الحديث متفق على صحته عن المغيرة بن شعبة قال: صلى رسول الله صلى اللّه عليه و سلم، حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أ تتكلف هذا و قد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر، قال أ فلا أكون عبدا شكورا»( شرح السنة- الإمام البغوى 4/ 45 رقم 931).

[6] - أبو حازم: سلمان الأشجعى، من المحدثين الثقاة فى الكوفة و غيرها مات على رأس المائة الهجرية. أو أبو حازم سلمة بن دينار عالم المدينة و قاضيها مات سنة 140 ه.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست