اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 302
يشكر الكثير، و من لم يشكر النّاس لم يشكر
الله، و التّحدث بالنعم شكر»[1].
و قال تعالى حكاية عن أهل الجنة أنهم قالوا:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ
[الزمر: 74].
قال عامل عمر بن عبد العزيز رحمه الله- لما حفر نهر البصرة، الذى
يقال له: (نهر عمر): إنى حفرت لأهل البصرة نهرا عذب لهم مشربه، و جادت عينه، و لم
أر لهم على ذلك شكرا، فإن أذنت لى قسمت عليهم ما أنفقت عليه. فكتب إليه عمر بن عبد
العزيز: إنى لا أحسب أهل البصرة خلوا من رجل قال: الحمد لله، حين حفرك هذا النهر،
و إنّ الله قد رضيها شكرا من جنّته، فأرض بها شكرا من نهرك، و السلام.
و حقيقة الشّكر فى هذا القسم: الثّناء على المحسن بذكر إحسانه، و على
هذا القول يوصف الرب تعالى بأنه شكور حقيقة، فشكر العبد لله: ثناؤه عليه بذكر
إحسانه، و شكر الله للعبد: ثناؤه عليه بإحسانه، و إحسان الرب للعبد؛ إنعامه عليه.
و هذه اللّفظة مأخوذة من قولهم: دابّة شكور، إذا أظهرت من السّمن فوق
ما تعطى من العلف.
و يقال وجه شكور: إذا كان ممتلئ المحاسن ظاهرها.
و فى الحديث يقول الله تعالى: «أنا و الجنّ و الإنس فى نبأ عظيم،
أخلق و يعبد غيرى، و أرزق و يشكر غيرى»[2]
و قال بعضهم: إنما أوتى النّاس لأنّهم فى موضع صبر[3]،
و هم يحسبون أنهم فى موضع شكر.
[1] - الحديث: رواه البيهقى فى شعب الإيمان عن النعمان
بن بشير بلفظ« التحدث بنعمة الله شكر، و تركها كفر، و من لا يشكر القليل لا يشكر
الكثير، و من لا يشكر الناس لا يشكر الله» و روى الإمام أحمد و الترمذى عن أبى
سعيد جزء من الحديث( و لمن لم يشكر الناس لم يشكر الله) الجامع الصغير( رقم 3398 و
رقم 9028).
[2] - رواه البيهقى فى شعب الإيمان عن أبى الدرداء- و
الحديث ضعيف-( الجامع الصغير- للسيوطى رقم( 6008).