اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 278
و روي أن النبي صلى اللّه عليه و سلم مر على
امرأة تبكي عند قبر فقال لها: اتقي الله و اصبري، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب
بمثل مصيبتي، فلما قيل لها:
هذا رسول الله، جاءت إليه تعتذر أنها لم تعرفه، و قالت: سأصبر، فقال
النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»[1]
و يحتمل هذا الحديث وجهين:
أما الخطابي[2]: فقال:
معناه أن الصبر المحمود عند أوّل نزول المصيبة، و قد فاتك بالجزع.
و أما القابسي[3] فقال:
معناه أن الصدمة الأولى، وقّت أمرها النبيّ صلى اللّه عليه و سلم بالصبر، و كان
هذا تعليما لكل من فاته الصبر بذهول أو نسيان أو غلبه.
و يروى أن النبي صلى اللّه عليه و سلم، سئل عن الإيمان فقال: «الصبر
و السماحة»[4].
و في منثور الحكم قالت الصّحة: أنا لاحقة بأرض المغرب، قال الجوع:
و أنا معك.
قال الإيمان: أنا لاحق بأرض الحجاز، قال الصبر: أنا معك.
قال الملك: أنا لاحق بأرض العراق، قال الفتك[5]:
أنا معك.
و أعلم أن العجلة خرق[6]
و مخرجها من قلّة العقل، و أخرق من ذلك التفريط في الأمر بعد القدرة، و مثل ذلك
كالقدر على النار، إن كان ماؤه قليلا غلت بيسير من النار، و إن كانت مملوءة لم تغل
حتى تكثر نارها و تطول مدّتها.
[1] - الحديث متفق على صحته، رواه البخاري في الجنائز و
في الأحكام و رواه مسلم في الجنائز.
باب في الصبر على المصيبة عند
الصدمة الأولى و الإمام أحمد في مسنده 3/ 143 و قال البغوي: أي عند فورة المصيبة و
حموتها( شرح السنة- البغوي ج 5/ 47).
[2] - في( خ) الطائي، و فى( ط) الطابنى( خطأ)، حيث أن
هذا القول منسوب في فتح الباري إلى الخطّابى و هو الفقيه و المحدث حمد بن محمد بن
إبراهيم أبو سليمان الخطابى المتوفى سنة 388 ه( فتح البارى شرح صحيح البخارى 3/
149، 150).
[3] - أبو الحسن على بن محمد القابسى المالكى صاحب
كتاب« الملخص» عالم المالكية بإفريقية فى عصره، و القابسى نسبة إلى قابس القريبة
من القيروان فى تونس، و توفى سنة 403 ه،( الأعلام 4/ 326).
[4] - الحديث: رواه أبو يعلى فى مسنده و الطبرانى فى
الكبير فى مكارم الأخلاق عن جابر( كنز العمال ج 1/ 57).