اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 277
و فيما يروى أن الله تعالى، أوحى إلى داود
7: (يا داود: من صبر علينا وصل إلينا).
و قال سفيان: بلغنا أن لكل شيء ثمرة، و ثمرة الصبر الظفر، قال الله
تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ
رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
[آل عمران: 200] فعلق الفلاح على الصبر و التقوى يعنى اصبروا على ما فرض الله
عليكم.
و صابروا عدوكم، و رابطوا: فيه قولان: قيل: رابطوا على الجهاد، و الثاني
رابطوا على انتظار الصلوات، بدليل ما روى أبو هريرة رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى اللّه عليه و سلم: «أ لا أدلكم على ما يحط الله به
الخطايا و يرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء عند
المكاره، و كثرة الخطا إلى المساجد، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»[1].
و قال الحسن في قوله تعالى: وَ إِذِ
ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ
[البقرة: 124] قال: ابتلاه بالكواكب فصبر، و ابتلاه بذبح ابنه فصبر.
و قال سبحانه و تعالى: اسْتَعِينُوا
بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
[البقرة: 153] فبدأ بالصبر قبل الصلاة، ثم قال قولا عظيما، فجعل نفسه مع الصابرين
دون المصلين.
و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم للأنصار: «ما يكن عندي من خير فلن
أدّخره عنكم، و من يستعفف يعفّه الله، و من يستغن يغنه الله، و من يتصبّر يصبّره
الله، و ما أعطي أحد عطاء هو خير و أوسع من الصبر»[2].
و قال ابن مسعود: قسم النبي صلى اللّه عليه و سلم قسما، فقال رجل من
الأنصار: و الله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله، فأخبرت النبي صلى اللّه عليه و
سلم فشق عليه و تغيّر وجهه و غضب حتى وددت أنّي لم أكن أخبرته، ثم قال: «قد أوذي
موسى بأكثر من هذا فصبر»[3].
[1] - الحديث صحيح رواه مالك و الإمام مسلم. و الإمام
أحمد و النسائي و الترمذي عن أبي هريرة و بلفظ( يمحو الله به الخطابا.) كنز
العمال( 15/ 43323) و القرطبي( ج 4/ ص 206) و قال:
الرباط: الملازمة في سبيل الله.
[2] - هذا الحديث متفق على صحته، رواه الإمام مالك في
الموطأ كتاب الصدقة، و البخاري في الزكاة« باب الاستعفاف عن المسألة» و في الرقاق
و رواه الإمام مسلم في الزكاة« باب فضل التعفف و الصبر» عن أبي سعيد الخدري( شرح
السنة البغوي 6/ 110).
[3] - الحديث: أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود( الحافظ
العراقي ج 4/ 28).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 277