اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 274
و قال رجل لابن مسعود[1]:
إني أخاف أن أكون قد هلكت، سمعت الله تعالى يقول:
وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
[الحشر: 9] و أنا رجل شحيح لا يكاد أن يخرج من يدي شيء، فقال له ابن مسعود: هذا
ليس بالشّحّ الذي ذكره الله تعالى، فإنّه: أن تأكل مال أخيك ظلما، و لكن ذلك
البخل، و بئس الشيء البخل. ففرّق بينهما كما ترى.
و قال ابن العباس[2]: الشحيح
يتبع هواه، فلم يقبل الإيمان.
و قال طاوس[3]: الشح،
أن يبخل المرء بما في أيدي الناس، و البخل: أن يبخل بما في يديه.
و روي أنس[4]: أن
النبي صلى اللّه عليه و سلم: «بريء من الشح من أدّى الزكاة، و قرى الضيف، و أعطى
فى النائبة»[5].
و قال ابن زيد[6]: من لم
يأخذ شيئا نهاه الله عنه، و لم يدعه الشّحّ إلى أن يمنع شيئا أمر الله به، فقد
وقاه شحّ نفسه.
و قال أبو الهياج الأسدي[7]:
رأيت رجلا في الطواف يقول: (اللهم قني شحّ نفسي). لا يزيد على ذلك شيئا، فسألته عن
ذلك، فقال: إذا وقيت شح نفسي، لم أسرق، و لم أزن، و لم أفعل شيئا يكرهه الله
تعالى. و إذا الرجل عبد الرحمن بن عوف[8].
[1] - هو عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى اللّه
عليه و سلم و خادمه و قد سبقت ترجمته.
[2] - هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول
الله صلى اللّه عليه و سلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين بمكة و هو حبر الأمة و
فقيهها مات بالطائف 68 ه.( الأعلام 4/ 95).
[4] - هو أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه خادم رسول
الله صلى اللّه عليه و سلم و أخواله بنو النجار أخوال الرسول صلى اللّه عليه و
سلم، يكنى بأبي حمزة و من فقهاء الصحابة توفي سنة 93 ه.
[5] - رواه أبو يعلي في مسنده و الطبراني في الكبير و
سعيد بن زيد الأنصاري( كنز العمال 1578) كما أورده القرطبي في الجامع عن أنس( م
18/ 21).( الأعلام 2/ 24).
[6] - هو عبد الواحد بن زيد الزاهد القدوة و شيخ
الزهاد- سبقت ترجمت.
[7] - أبو الهياج الأسدي هو عمر بن مالك بن جنادة من
أبناء بن الحارث، جعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على خطط أهل الكوفة( انظر:
البلاذري في فتوح البلدان ص 388 و الكلبي في جمهرة النسب ص 177).
[8] - عبد الرحمن بن عوف: من أكابر الصحابة و من العشرة
المبشرين بالجنة و أحد الستة أصحاب الشورى، و كان من الأجواد الشجعان العقلاء أعتق
في يوم واحد ثلاثين عبدا، و كان يحترف في التجارة، فأجمعت له ثروة كبيرة و تصدق
يوما بقافلة فيها 700 راحلة، توفى بالمدينة 32 ه.
( الأعلام 3/ 320).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 274