اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 273
الباب الحادي و الثلاثون في بيان الشّح و
البخل و ما يتعلق بهما
الشّحّ في كلام العرب: البخل و منع الفضل، كان النبي صلى اللّه عليه
و سلم يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من شحّ نفسي و إسرافها و وساوسها»[1].
و روى جابر[2]: أن
النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «اتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم
على أن سفكوا دماءهم و استحلوا محارمهم»[3]،
و قد فرق بينهما[4] مفرّقون،
فقالوا: الشح أشد من البخل، فإن البخل أكثر ما يقال في النفقة و إمساكها، قال الله
تعالى: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ [آل عمران: 180] و قال تعالى:
وَ مَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ
[محمد: 38].
و قال تعالى في الشح: أَشِحَّةً عَلَى
الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا [الأحزاب: 19] و قال تعالى: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9] فالشح يبنى على الكزازة[5]
و الامتناع، فهو يكون في المال و في جميع منافع البدن.
و قال ابن عمر: ليس الشّح أن يمنع الرّجل ماله، و إنما الشّحّ أن
يطمع فيما ليس له.
و لهذا قال ابن المبارك[6]:
سخاء النّفس عما في أيدي الناس، أفضل من سخاء النفس بالبذل.
[1] - الحديث: رواه القرطبي عن أنس( الجامع لأحكام
القرآن، ج 18 ص 21).
[2] - جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري، شهد
بيعة العقبة الثانية، و شهد أكثر الغزوات، روى كثيرا من الأحاديث و كانت وفاته
بالمدينة سنة 74 ه.
[3] - الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده 3/ 323، و
القرطبي في الجامع 18/ 21 كما رواه الإمام مسلم و البيهقي و ابن كثير و غيرهم و
الحديث صحيح.
[5] - كزّ كزازة: انقبض و يبس، و الكز هو المنقبض و
اليابس.
[6] - هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، الحافظ
شيخ الإسلام المجاهد التاجر، صاحب التصانيف و الرحلات الذي أفنى عمره في الأسفار
صاحبا و مجاهدا و تاجرا، جمع الحديث و الفقه و العربية و أيام الناس و الشجاعة و
السخاء، كان من سكان خراسان و مات( بهيت) على الفرات سنة 281 ه( الأعلام للزركلي
4/ 115).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 273