اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 195
يتكلمون في الفقه، فقال: يا عمّ، ما عندك
فيما يقول هؤلاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين شغلونا في الصغر، و اشتغلنا في الكبر،
فقال المأمون: لم لا تتعلم اليوم؟ فقال: أو يحسن بمثلي طلب العلم؟ فقال: نعم، و
الله لأن تموت طالبا للعلم، خير من أن تعيش قانعا بالجهل، قال: و إلى متى يحسن طلب
العلم؟
قال: ما حسنت بك الحياة.
و روي أن بعض الحكماء، رأى شيخا يطلب العلم، و يحبّ النظر فيه و
يستحي، فقال: يا هذا، أ تستحيي أن تكون في آخر عمرك، أفضل مما كنت في أوّله؟ و
لأنّ الصغير أعذر، و إن لم يكن في الجهل عذر.
و في منثور الحكم: جهل الشباب معذور، و علمه محقور، فأما الكبير
فالجهل به أقبح، و نقصه عليه أفضح، لأنّ علو السن إذا لم يكسبه فضلا، و لم يفده
علما، كان الصغير أفضل منه، لأن الأمل فيه أقوى، و حسبك نقيصة في رجل، يكون الصغير
المساوي له في الجهل أفضل منه.
و كل ما ذكرناه من حاجة الشيخ إلى العلم، فحاجة السلطان إليه أكثر، و
دواعيه إلى اكتسابه أشدّ، لأنّ من عداه إنما تخصّه نفسه الواحدة، فيقرب عليه تحصيل
ما يقوّمها به، و الملك منتصب لسياسة أهل مملكته و تعليمهم، و تقويم أودهم، فهو
إلى العلم أحوج.
و قال بعض الحكماء: كلّ عزّ لا يوطّده علم مذلّة، و كلّ علم لا
يؤكّده عقل مضلّة، و كيف يستنكف ملك أو ذو منزلة عليّة من طلب العلم؟! و هذا موسى
7، ارتحل من الشام إلى مجمع البحرين[2]،
في أقصى المغرب
[2] - مجمع البحرين: ملتقاهما، قال قتادة و غيره: هما
بحر فارس مما يلي المشرق و بحر الروم مما يلي الغرب، و قال محمد بن كعب القرظي هما
عند طنجة و الله أعلم.( مختصر تفسير ابن كثير- محمد نسيب الرفاعي ج 3/ 83) و عليه
فإن المقصود ببحر الظلمات هو البحر المتوسط.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 195