responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 196

على بحر الظلمات، إلى لقاء الخضر[1] ليتعلم منه، فلما ظفر به، قال: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى‌ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً [الكهف: 66]، هذا و هو نبيّ الله و كليمه.

و هذا محمد رسول الله صلى اللّه عليه و سلم، و صفوته من جميع خلقه، قد أوصاه ربه و علمه كيف يستنزل ما في خزائنه، فقال: وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه: 114]، فلو كان في خزائنه أشرف من العلم لنبّهه عليه.

و هذا آدم 7، لما فخرت الملائكة بتسبيحها و تقديسها لربّها، فخر آدم بالعلم، فقال: أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‌ [البقرة: 31]، فلما عجزوا أمرهم بالسجود له، و أخلق بخصلة تستدعي السجود لحاملها، أن يتنافس فيها كلّ ذي لبّ، و هذا فصل الخطاب لمن تدبّره.

و لا تنصبنّ لك عذرا بما روي في بعض الأخبار مثل: [الذي يتعلّم في الصغر كالوشم على الصخر، و الذي يتعلم في الكبر كالنقش على الماء) فقد سمع الأحنف رجلا يقول: التعلم في الصغر كالنقش في الحجر، فقال:

(الكبير أكبر عقلا، و لكنه أشغل قلبا)، ففحص عن المعنى، و نبّه عن العلة.

و قد كان أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم يسلمون شيوخا و كهولا و أحداثا، و كانوا يتعلمون العلم و القرآن و السنن و هم بحور العلم، و أطواد[2] الحكمة و الفقه، غير أن العلم في الصغر أرسخ أصولا، و أبسق فروعا، و ليس إذا لم يحزه كلّه يفوته كلّه.

قال رجل لأبي هريرة رضي الله عنه، إني أريد أن أتعلم العلم، و أخاف أن أضيعه، فقال أبو هريرة: كفى بتركك له تضييعا.

و بعض الخير خير من كل الشر، و إنما مثل الجاهل تحت عب‌ء الجهل مثل الحمّال تحت حمل ثقيل، فإنه كلما أعيا نقصه قليلا قليلا، يوشك أن ينقصه كله فيستريح منه، و إن هو لم يطرح القليل حتى يطرح الكثير، فما أوشكه أن يصرعه حمله، و كذلك الجاهل إذا تعلم قليلا قليلا، يوشك أن يأتي على بقيّته، و إن لم يتعلم في الكبر لما فاته في الصغر، فأوشك به أن يموت تحت غبّ الجهل‌[3].


[1] - الخضر 7: اختلف في اسمه و نبوته على عدة أقوال ذكرها ابن كثير في البداية و النهاية( ج 1/ 326).

[2] - الطود: الجبل العظيم الثابت في مقره.

[3] - غب الجهل: عاقبته.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست