responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 158

الأغصان، و الماء بلينه فى أصول الشجر يقلعها من أصلها. و إذا كانت الحيّة مع صعوبتها و سمّها و تغيّبها فى جحرها، ترقى بالكلام حتى تستعطف فتخرج، فالإنسان أحرى أن يستمال بلين القول و حسن المنطق، فإذا أردت أن تنتقم ممّن يسئ إليك، فكافئه بكل كلمة سوء قالها، كلمة جميلة و حسن ثناء عليه.

و الإشارة الثانية: أنه قال: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فإذا قيل لنا: كيف يشاورهم و هو نبيهم و إمامهم و واجب عليهم مشاورته، و أن لا يفضلوا أمرا دونه؟ قلنا هذا أدب أدّب اللّه تعالى نبيّه 7 به، و جعله مأدبة لسائر الملوك و الأمراء و السلاطين، لما علم اللّه تعالى ما فى المشاورة من حسن الأدب مع الجليس، و مساهمته فى الأمور، فإنّ نفوس الجلساء و النصحاء و الوزراء تصلح عليه، و تميل اليه، و تخضع عنوة بين يديه، شرعة لنبيّه 7، و لذوى الأمرة من أهل ملّته صلى اللّه عليه و سلم، أ لا ترى أن النبى 7 كان فى غزوة، فأمرهم بالنزول، فقال له سعد[1]: يا رسول اللّه، إن كان هذا بأمرك، فسمع و طاعة، و إن كان غير ذلك فليس بمنزل، فسمع منه النبى 7، و قال: ارتحلوا.

و من أقبح ما يوصف به الرجال،- ملوكا كانوا أو سوقة- الاستبداد بالرأى، و ترك المشاورة. و سنعقد للمشاورة بابا إن شاء اللّه تعالى.

و الخصلة الثالثة: ما روى البخارى و مسلم و غيرهما، أن رجلا قال يا رسول اللّه: استعملنى، فقال النبى صلى اللّه عليه و سلم: «إنّا لا نستعمل على عملنا من أراده»[2] و السر فيه: أنّ الولايات أمانات، و تصرّف فى أرواح الخلائق و أموالهم، و التسرّع إلى الأمانة دليل على الخيانة، و إنّما يخطبها من يريد أكلها، و إذا


[1] - سعد: المقصود سعد بن معاذ زعيم الأوس من الأنصار، استشهد فى غزوة الخندق سنة 6 ه، و قد ذكر ابن هشام فى سيرته: أن صاحب هذا الاقتراح هو الحباب بن المنذر بن الجموح، حيث قال:

يا رسول الله: أ رأيت هذا المنزل، أ منزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه و لا نتأخر عنه، أم هو الرأى و الحرب و المكيدة؟ قال:« بل هو الرأى و الحرب و المكيدة». فأشار بأن يأتوا أدنى ماء من القوم فيشرب المسلمون و لا تشرب الكفار، و نزل الرسول صلى اللّه عليه و سلم عند مشورته.

أما اقتراح سعد فى هذه الغزوة( غزوة بدر) فكان بناء عريش للرسول صلى اللّه عليه و سلم يكون فيه آمنا،( سيرة ابن هشام ج 2/ ص 619- 620).

[2] - الحديث رواه البخارى و مسلم و أبو داود و النسائى و الإمام أحمد عن أبى موسى، و الحديث صحيح( الجامع الصغير/ السيوطى ج 1/ 101، رقم: 2522)، و معنى استعملنى: أى أسند لى عملا.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست