responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 151

و فسقت‌[1] الفأرة من جحرها، و خرجت الحيّة من معدنها[2]، و جاء اللصّ بحيلته، و هاج البرغوث مع حقارته، فتعطلت المنافع، و استطارت‌[3] فيهم المضارّ. كذلك السلطان إذا كان قاهرا لرعيّته، كانت المنفعة به عامة، و كانت الدماء فى أهلها محقونة، و الحرم فى خدورهن مصونة، و الأسواق عامرة، و المرافق حاصلة، و الأموال محروسة و الحيوان الفاضل ظاهرا، و الحيوان الشرير من أهل الفسوق و الدّعارة خاملا.

و إذا اختل أمر السلطان: دخل الفساد على الجميع، و لو جعل ظلم الناس حولا فى كفة، ثم جعل فساد الرعية و ظلمهم و هرجهم فى ساعة واحدة إذا اختل أمر السلطان فى كفّة، كان هرج‌[4] ساعة أعظم و أرجح من ظلم السلطان حولا، و كيف لا؟ و في زوال السلطان، أو ضعف شوكته سوق أهل الشّرّ، و مكسب الأجناد[5]، و نفاق أهل العيارة[6] و السّوقة، و اللصوص و المناهبة[7].

و قال الفضيل‌[8]: جور ستين سنة خير من هرج ساعة[9].

و لا يتمنّى زوال السلطان إلا جاهل مغرور، أو فاسق يتمنى كلّ محذور، فحقيق على كلّ رعية أن ترغب إلى الله تعالى فى إصلاح السلطان، و أن تبذل له نصحها، و تخصه بصالح دعائها، فإنّ فى صلاحه صلاح العباد و البلاد، و في فساده فساد العباد و البلاد.

و كان العلماء يقولون: إذا استقامت لكم أمور السلطان، فأكثروا حمد الله تعالى و شكره، و إن جاءكم منه ما تكرهون، وجّهوه إلى ما تستوجبونه‌


[1] - فسقت الفارة: خرجت من جحرها على الناس، و تسمى الفارة( الفويسقة) لخروجها على الناس.

[2] - معدنها: مكان اقامتها، يقال:( عدن بالمكان: أقام فيه) و منها جنات عدن: أى جنات إقامة الخلود.

[3] - استطارت: انتشرت.

[4] - الهرج: الفتنة و الاختلاط و القتل.

[5] - الأجناد: البلدان أو الجيوش.

[6] - يقال رجل عيّار: أى كثير التطواف و الحركة يخلى نفسه و هواها.

[7] - المناهبة: السطو على مال الغير و أخذه قهرا.

[8] - الفضيل: هو الفضيل بن عياض( سبقت ترجمته).

[9] - فى( ط) هرج سنة.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست