responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 149

باطشة، و جننا[1] واقية، و ألسنة ناطقة، و قوادم تنهضه، و قوائم تقلّه‌[2]، و هيهات منه السلامة، و أنّى له بالسّلامة. و عن هذا قال بعض السلاطين يوما لأصحابه: اعلموا أن السلطان و الجنّة لا يجتمعان.

قال شيخنا رحمه الله: و حدثنى رجل له قدر، قال: أرسل إلىّ السلطان أن طلّق امرأتك، و كان قد أرادها لبعض أصحابه، فأبيت ذلك، و راجعت الرّسل غير مرّة، فقال لي ناصح منهم: خذ الأمر مقبلا[3] فإنه لا حيلة لك، فإن السلطان لا يخاف فى الدنيا عارا، و لا فى الآخرة نارا، ففارقتها.

و روي عن عبد الملك بن مروان‌[4]، انه لمّا ولي الخلافة، أخذ المصحف فوضعه فى حجره، ثم قال: هذا فراق بينى و بيتك.

و لما حج هارون الرشيد[5]، لقيه عبد الله العمرى‌[6] فى الطواف، فقال له: يا هارون: قال لبيك يا عم، قال: كم ترى هاهنا من الخلق؟ قال لا يحصيهم إلا الله، فقال: اعلم أيها الرجل، أنّ كلّ واحد منهم يسأل عن خاصّة نفسه، و أنت واحد تسأل عنهم كلهم، فانظر كيف تكون، فبكى هارون و جلس، فجعلوا يعطونه منديلا منديلا للدموع، ثم قال له: و اللّه إن الرّجل ليسرع فى مال نفسه، فيستحقّ الحجر عليه، فكيف بمن أسرع فى مال المسلمين. و يقال أن هارون كان يقول: و الله إنى أحب أن أحج كل سنة، و ما يمنعنى إلا رجل من ولد عمر، يسمعنى ما أكره،

و قال مالك بن دينار[7]: قرأت فى بعض الكتب القديمة، يقول الله تعالى:

من أحمق من السلطان؟ و من أجهل ممن عصانى،؟ و من أعزّ ممّن اعتزّ بى؟ أيا راعى السوء: دفعت إليك غنما سمانا صحاحا، فأكلت اللحم و شربت اللبن، و ائتدمت بالسّمن، و لبست الصّوف، و تركتها عظاما تقعقع، و لم تأو الضّالّة، و لم تجبر الكسير[8]، اليوم أنتقم لها منك.


[1] - مفرده جنّة و هى السترة.

[2] - القوادم: الريشات التى فى مقدمة الجناج للطائر، و القوائم: الأرجل.

[3] - خذ الأمر مقبلا: أى أرض و رحّب به.

[4] - عبد الملك بن مروان: الخليفة الأموى الخامس، ولد بالمدينة و توفى بدمشق سنة 86 ه.

[5] - هارون الرشيد: الخليفة العباسى الرابع، أشهر الخلفاء العباسيين، توفى سنة 193 ه.

[6] - سبق ذكر هذه القصة، و قيل إن الذي لقيه هو عبيد الله العمري و ليس عبد الله.

[7] - مالك بن دينار: العالم الورع، سبقت ترجمته.

[8] - يجبر الكسير: يعمل على إصلاحه.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست