اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 148
مناوئهم[1]
و مناصبهم، و يعصى ربّه فيهم و يخالف أمره، و يركب نهيه من أجلهم، و يقتحم جراثيم[2] جهنّم على بصيرة فيهم، ثم تجدهم له
قالين[3]، و عنه
غير راضين، و لو لا أنّ الله سبحانه و تعالى يحول بين المرء و قلبه، لم يرض عاقل
بهذه منزلة، و لا اختارها لبيب مرتبة، و كل ما ذكرته فى هذا الباب أحكمه النبي صلى
اللّه عليه و سلم فى كلمة، فقال: «ما لكم و لأمرائي؟ لكم صفو أمرهم، و عليهم كدره»[4].
و مثال السلطان مع الرعيّة: كالطبّاخ مع الأكلة، له العناء و لهم
الهناء، و له الحارّ و لهم القار[6]، طلب
لقومه الراحة، فحصل على التّعب، و طلب لهم النعيم، فأخطأ الصّراط المستقيم، و عن
هذا قالوا: (سيّد القوم أشقاهم) و فى الحديث: (ساقي القوم آخرهم شربا)[7].
و كان بعض سلاطين المغرب يسير يوما و بين يديه الوزراء، إذ نظر إلى
جماعة من التجّار، فقال لوزيره: أ تحب أن أريك ثلاث طوائف؟ طائفة لهم الدنيا و
الآخرة، و طائفة لا دنيا و لا آخرة، و طائفة دنيا بلا آخرة؟
قال: و كيف ذلك أيّها الملك؟ فقال: الذين لهم الدنيا و الآخرة:
فهؤلاء التجار يكسبون أقواتهم، و يصلّون صلاتهم، و لا يؤذون أحدا. و أما الذين لا
دنيا لهم و لا آخرة: فهؤلاء الشرطة و الخدمة الذين بين أيدينا. و أما الذين لهم
الدنيا بلا آخرة: فأنا و أنت و سائر السلاطين.
فحقّ على جميع الورى أن يمدّوا السلطان بالمناصحات، و يخصّونه
بالدّعوات، و يعينوه على سائر المحاولات، و يكونوا له أعينا ناظرة، و أيد