responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 102

الباب الثاني في مقامات العلماء و الصالحين عند الأمراء و السلاطين‌

دخل الأحنف بن قيس‌[1]، على معاوية[2]، و عليه شملة[3]، و مدرعة[4] صوف، فلما مثل بين يديه، اقتحمته عينه، فأقبل عليه و قال: مه‌[5]، فقال الأحنف: يا أمير المؤمنين، أهل البصرة عدد يسير، و عظم كسير، مع تتابع من المحول‌[6] و اتصال من الذّحول‌[7]، فالمكثر منها قد أطرق‌[8]، و المقلّ منها قد أملق‌[9]، و بلغ به المخنق، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعش الفقير و يجبر الكسير، و يسهل العسير، و يصفح عن الذّحول‌[10]، و يداوي المحول‌[11]، و يأمر بالعطاء ليكشف البلاء، و تزول اللأواء[12]، ألا و إن السيّد من يغمر و لا يخص‌[13]، و يدعو الجفلى و لا يدعو النقرى‌[14]، إن أحسن إليه شكر، و إن أسي‌ء إليه غفر، ثم يكون من وراء الرعيّة عمادا يدفع عنهم الملمّات، و يكشف عنهم المعضلات، فقال معاوية: هاهنا يا أبا بحر، ثم قرأ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ‌ [محمد: 30][15].


[1] - الأحنف بن قيس: الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين التميمي( أبو بحر)، سيد بني تميم في البصرة، من دهاة العرب الفصحاء الشجعان و قادتهم في صدر الإسلام، لقّب بالأحنف لحنف أو اعوجاج كان في رجله، أسلم في حياة النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يره، توفي سنة 72 ه( الأعلام 1/ 276).

[2] - معاوية بن أبي سفيان: سبقت ترجمته.

[3] - الشملة: كساء واسع يشتمل به.

[4] - المدرعة: ثوب أو جبة مشقوقة المقدّم.

[5] - مه: اسم فعل مبني على السكون بمعنى( انكفف) و قد يقال: مه.

[6] - المحول: من المحل و هو القحط و احتباس المطر.

[7] - الذحول: الأحقاد و الثأرات، يقال: طلب بذحله أي طلب بثأره( لسان العرب و مختار الصحاح، باب: ذحل).

[8] - أطرق: سكت.

[9] - أملق: أصبح فقيرا.

[10] - يصفح عن الذحول: أي يعطي الأمان للثائرين و الهاربين.

[11] - يداوي المحول: يزيل آثار الجدب و القحط.

[12] - اللأواء: الشدة و المحنة.

[13] - يغمر و لا يخص: يعم عطاؤه و إحسانه الجميع.

[14] - يدعو الجفلى و لا يدعو النقرى: يدعو الناس كافة إلى طعامه دعوة عامة لا دعوة خاصة.

[15] - و معنى الآية: لتعرفن هؤلاء القوم من أسلوب قولهم و مما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست