اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 101
و سمع رجلا يقول: يا ليتني كنت من أصحاب
اليمين، فقال ابن مسعود:
يا ليتني إذا متّ لم أبعث.
و قال عمران بن حصين[1]: وددت أني
رماد فتسفيني الرّياح في يوم عاصف.
و قال أبو الدرداء[2]: يا ليتني
كنت شجرة تعضد، و تؤكل ثمرتي، و لم أكن بشرا.
و روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما رجع من صفين فدخل أوائل
الكوفة، فإذا هو بقبر، فقال: قبر من هذا؟ فقالوا: قبر خبّاب بن الأرتّ[3]. فوقف عليه، و قال: رحم الله
خبّابا، أسلم راغبا، و هاجر طائعا، و عاش مجاهدا، و ابتلي في جسمه آخرا، ألا و لن
يضيع الله أجر من أحسن عملا. ثم مضى فإذا قبور، فجاء حتى وقف عليها، فقال: السلام
عليكم أهل الديار الموحشة، و المحالّ المقفرة، أنتم لنا سلف، و نحن لكم تبع، و بكم
عما قليل لاحقون، اللهم اغفر لنا و لهم، و تجاوز عنا و عنهم، طوبى لمن ذكر المعاد،
و عمل للحساب، و قنع بالكفاف، و رضي عن الله عز و جل.
ثم قال: يا أهل القبور: أما الأزواج فقد نكحت، و أما الديار فقد
سكنت، و أما الأموال فقد قسّمت، فهذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثم التفت
إلى أصحابه و قال: أما إنهم لو تكلموا لقالوا: «وجدنا أنّ خير الزّاد التقوى».
[1] - عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي، من علماء
الصحابة، أسلم عام خيبر، و بعثه عمر ليفقه أهل البصرة و مات فيها سنة 52 ه.(
الأعلام 5/ 70).
[3] - خباب بن الأرت: صحابي كان يعمل السيوف بمكة، و
أول من أظهر إسلامه؛ حيث كان سادس ستة في الإسلام، عذّبه المشركون و صبر، تزل
الكوفة و مات فيها سنة 37 ه.( الأعلام: 2/ 301).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 101