responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 103

و قال سفيان الثوري‌[1]: لما حجّ المهدي‌[2] قال: لا بدّ لي من سفيان، فوضعوا لي الرّصد حول البيت، فأخذوني بالليل، فلما مثلت بين يديه أدناني، ثم قال: لأيّ شي‌ء لا تأتينا فنستشيرك في أمرنا، فما أمرتنا من شي‌ء صرنا إليه، و ما نهيتنا عن شي‌ء انتهينا عنه؟ فقلت له: كم أنفقت في سفرك هذا؟ قال: لا أدري، لي أمناء و وكلاء، قلت: فما عذرك غدا إذا وقفت بين يدي الله تعالى فسألك عن ذلك؟ لكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما حجّ، قال لغلامه: كم أنفقنا في سفرنا هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين ثمانية عشر دينارا، قال: ويحك، أجحفنا ببيت مال المسلمين.

و قال الزهري‌[3]: ما سمعت بأحسن من كلام تكلّم به رجل عند سليمان ابن عبد الملك‌[4] فقال: يا أمير المؤمنين، اسمع مني أربع كلمات، فيهن صلاح دينك و ملكك، و آخرتك و دنياك. قال: ما هنّ؟ قال: لا تعد أحدا عدة[5] و أنت لا تريد إنجازها، و لا يغرّنك مرتقى‌[6] سهل إذا كان المنحدر و عرا، و اعلم أن الأعمال جزاء فاحذر العواقب، و الدهر تارات‌[7] فكن على حذر.

و لما دخل ابن السمّاك الواعظ[8] على هارون الرشيد قال له: عظني. قال: يا أمير المؤمنين: إنّ الله لم يرض لخلافته في عباده غيرك، فلا ترض من نفسك إلا بما رضي الله به عنك، فإنك ابن عمّ رسول الله صلى اللّه عليه و سلم، و أنت أولى الناس بذلك.

يا أمير المؤمنين: من طلب فكاك رقبته في مهلة من أجله، كان خليقا أن يعتق نفسه.

يا أمير المؤمنين: من ذوّقته الدّنيا حلاوتها بركون منه إليها، أذاقته الآخرة مرارتها بتجافيه‌[9] عنها.


[1] - سفيان الثوري: أبو عبد الله، محدث من الأئمة المجتهدين و من سادات أهل زمانه ورعا و علما و حفظا، ولد في الكوفة، و توفي بالبصرة سنة 161 ه.( الأعلام 3/ 104).

[2] - المهدي: الخليفة العباسي الثالث: سبقت ترجمته.

[3] - الزّهري: ابن شهاب محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، تابعي من أهل المدينة، و أول من دوّن الحديث، و أحد أكابر الحفاظ و الفقهاء، استقر في الشام و مات سنة 124 ه.( الأعلام/ 7/ 97).

[4] - سليمان بن عبد الملك: الخليفة الأموي السابع، سبقت ترجمته.

[5] - العدة: الموعد.

[6] - المرتقى: موضع الصعود و الارتقاء.

[7] - تارات: مكاره.

[8] - سقطت كلمة( الواعظ) من( ط) و قد سبق ترجمته، و كذلك هارون الرشيد الخليفة العباسي.

[9] - تجافيه عنها: بعده و إعراضه عنها.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست