اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 30
حياة أبديّة أخرويّة كما قال اللّه تعالى: لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى
[الدّخان: الآية 56] و كما قال رسول اللّه 6:
«الأنبياء و الأولياء يصلّون في قبورهم كما يصلّون في بيوتهم»[1]- يعني: يناجون ربّهم أبدا- و ليس
معناه ظاهر الصّلاة من القيام و الرّكوع و السّجود و القعود بل مجرّد المناجاة من
قبل العبد، و الهديّة المعرفة من قبل الحقّ، فيكون العارف محرما إلى اللّه تعالى
بزيادة المناجاة في قبره كما قال رسول اللّه 6:
«المصلّي يناجي ربّه»[2] فكما لا
ينام القلب الحيّ فكذلك لا يموت و كما قال النّبيّ 6:
«تنام عيني و لا ينام قلبي»[3] و قال رسول
اللّه 6: «من مات في طلب العلم بعث اللّه في قبره ملكين
يعلّمانه علم المعرفة، و قام من قبره عالما و عارفا»[4]
و المراد من الملكين روحانيّة النّبيّ و الوليّ؛ لأنّ الملك لا يدخل في عالم
المعرفة و لا يعلّمانه و قال النّبيّ 6: «كم من رجل
مات جاهلا و قام يوم القيامة عالما و عارفا. و كم من رجل مات عالما و قام يوم
القيامة جاهلا و مفلسا»[5] كما قال
اللّه تعالى: ... أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ
اسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ
تَسْتَكْبِرُونَ ... [الأحقاف: الآية 20] و قال رسول اللّه
6: «إنّما الأعمال بالنّيّات»[6].
و قال رسول اللّه 6: «نيّة المؤمن خير من عمله، و نيّة
الفاسق شرّ من عمله»[7]؛ لأنّ
النّيّة بناء الأعمال كما ورد: (بناء الصحيح على الصحيح صحيح، و بناء الفاسد على
الفاسد فاسد). و قال اللّه تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ
الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20) [الشّورى: الآية 20].
[1] - رواه أبو يعلى في مسنده( 6/ 147)، و الديلمي في
الفردوس( 1/ 119)، و أورده الذهبي في الميزان( 2/ 200، 270)، و الحافظ في اللسان(
2/ 175).