responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 31

فالواجب على العبد طلب حياة القلبيّة الأخرويّة من أهل التّلقين في الدّنيا قبل فوت الوقت كما قال رسول اللّه 6: «من طلب الدّنيا بأعمال الآخرة فلا نصيب له في الآخرة»[1] فالدّنيا مزرعة الآخرة، فإذا لم يزرعه في هذه لم يحصد في الآخرة. و المراد من المزرعة: أرض الوجود لا الآفاق.

الفصل التّاسع في بيان رؤية اللّه تعالى‌

فالرّؤية على نوعين: رؤية جمالية في الآخرة بلا واسطة مرآة القلب. و رؤية صفاته في الدّنيا بواسطة مرآة القلب بنظر الفؤاد من عكس أنوار الجمال كما قال اللّه تعالى: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى‌ (11) [النّجم: الآية 11]، و قال النّبيّ 6: «المؤمن مرآة المؤمن»[2] و المراد من المؤمن الأوّل قلب عبد المؤمن، و من الثّاني هو اللّه تعالى كما قال اللّه تعالى: ... السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ...

[الحشر: الآية 23] فمن رأى صفاته في الدّنيا يرى ذاته في الآخرة بلا كيف. و جميع الدعاوى الّتي صدرت عن الأولياء في رؤية اللّه تعالى كقول عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: رأى قلبي ربي- أي: بنور ربي- و قول عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: لا أعبد ربّا لم أره. فذلك كلّه مشاهدة الصّفات، كما أنّ من رأى شعاع الشّمس من المشكاة و نحوها صحّ له أن يقول رأيت الشّمس على سبيل التّوسع، و قد مثّل اللّه تعالى نوره في كلامه باعتبار صفاته بقوله تعالى: ... كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ... [النّور: الآية 35] فقد قالوا: المشكاة قلب المؤمن و المصباح سرّ الفؤاد، و هو الرّوح السّلطانيّ، و الزّجاجة الفؤاد، وصفت بالدّريّة في شدّة نورانيّة، ثمّ بيّن المعدن فقال اللّه تعالى: ... يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ ... [النور: الآية 35]، و هي شجرة التّلقين، و التّوحيد الخاصّ يكون من لسان القدس بلا واسطة كما تعلّق القرآن بالنّبيّ 6 منه في الأصل، ثم نزل جبرائيل 7 لمصلحة العوام، و إنكار الكافر و المنافق. و الدّليل عليه قوله تعالى:

... لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ‌ [النّمل: الآية 6] و لذلك يشرع النّبيّ 6 و يسبق جبرائيل 7 في الوحي، حتّى نزلت فيه آية كما قال اللّه تعالى: ... وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى‌ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ...


[1] - رواه مسلم( 297).

[2] - تقدم تخريجه.

اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست