responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 22

لا إله إلّا اللّه- بشرط أخذه من قلب تقيّ نقيّ ممّا سوى اللّه، لا كلّ كلمة تسمع من أفواه العامّة، و إن كان اللّفظ واحدا و لكن المعنى متفاوت، لأنّ القلب إنّما يحيى إذا أخذ بذر التّوحيد من قلب حيّ، فيكون بذرا كاملا، و البذر غير البالغ لا ينبت، و لذلك بذر كلمة التّوحيد في القرآن العظيم في موضعين.

أحدهما: مقارن بالقول الظّاهريّ كما قال اللّه تعالى: ... إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ ... [الصّافات: الآية 35]، فهذا في حقّ العوام.

و الثّاني: مقرون بالعلم الحقيقيّ كما قال اللّه تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ‌ [محمّد: الآية 19]. فهذا التّلقين بسبب نزول هذه الآية لأجل التّلقين للخواصّ كما قال في بستان الشّريعة: (أوّل من تمنى أقرب الطّريق و أفضلها و أسهلها من النّبيّ 6 عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه) فانتظر النّبيّ 6 فنزل جبرائيل 7 على النّبيّ 6 و لقّن هذه الكلمة ثلاث مرات، ثمّ قال النّبيّ 6 كما قال جبرائيل ثمّ لقّن رسول اللّه 6 عليّا رضي اللّه عنه، ثمّ جاء إلى أصحابه فلقّنهم جميعا، فقال رسول اللّه 6: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»[1]، و المراد من الجهاد الأكبر جهاد النّفس كما قال رسول اللّه 6: «أعدى أعدائك نفسك الّتي بين جنبيك»[2]. فلا تحصل محبّة اللّه تعالى إلّا بعد قهر الأعداء في وجودك من النّفس الأمّارة و اللّوامة و الملهمة، فتطهّر من الأخلاق الذّميمة البهيميّة، كمحبّة زيادة الأكل و الشّرب و النّوم، و اللّغو و السّبعيّة كالغضب و الشّتم و الضّرب و القهر، و الشّيطانيّة كالكبر و العجب و الحسد و الحقد و غير ذلك من الآفات البدنيّة و القلبيّة. و إذا تطهّرت منها فقد تطهّرت من أصل الذّنوب، فأنت من المتطهّرين و التوّابين كما قال اللّه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‌ [البقرة: الآية 222]. فمن تاب عن مجرّد ظاهر الذّنب لا يدخل في هذه الآية، و إن كان تائبا، لكن ليس بتوّاب. فإنّه لفظ المبالغة، و المراد منه توبة الخواصّ.


[1] - رواه البيهقى في الزهد الكبير( 373)، و الخطيب في تاريخ بغداد( 13/ 493).

[2] - رواه البيهقي في الزهد الكبير( 343)، و أورده العجلوني في كشف الخفاء( 1/ 160).

اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست