responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 21

الكاملة فيها: «ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر»[1]. و هي جنّة القربة لا فيها حور و لا قصور و لا عسل و لا لبن.

و ينبغي للإنسان أن يعرف مقداره، و لا يدّعي لنفسه ما ليس بحقّ له.

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه: (رحم اللّه امرئ عرف قدره، و لم يتعدّ طوره، و يحفظ لسانه، و لم يضع عمره).

و ينبغي للعالم أن يحصّل معنى حقيقة الإنسان المسمّى بطفل المعاني، و يربّيه بملازمة أسماء التوحيد، و يخرج من عالم الجسمانيّة إلى عالم الرّوحانيّة، و هو عالم السّرّ ليس فيه غير اللّه ديّار، و هو كمثل صحراء من نور لا نهاية له. و طفل المعاني يطير فيها، و يرى العجائب و الغرائب فيها، لكن لا يمكن الإخبار عنها، و هي مقام الموحّدين الّذين فنوا من تعيينهم في عين الوحدة، فليس لهم في السّرّ إلّا رؤية نور جمال اللّه تعالى كما لا يرى إلا اللّه نفسه، فإذا امتلأت الشّمس فيه، فلا جرم أنّ الإنسان لا يرى نفسه بمقابلة جمال اللّه تعالى لغلبة الحيرة و المحويّة في نفسه، و قال الشيخ زين الدين عطاء ;: كما قال عيسى ابن مريم عليه الصّلاة و السّلام:

(لن يلج الإنسان إلى ملكوت السّموات حتّى يولد مرّتين كما يولد الطّير مرّتين).

و المراد منه تولّد الطّفل المعنويّ الرّوحانيّ من حقيقة قابلية الإنسان، و هو سرّه، يظهر وجوده و علومه من اجتماع نور علم الشّريعة و الحقيقة؛ لأنّ الولد لا يحصل إلّا من اجتماع نطفتين من الرّجل و المرأة كما قال اللّه تعالى: ... إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ ... [الإنسان: الآية 2].

و بعد ظهور هذا المعنى يحصل العبور من بحور الخلق إلى قعور الأمر، بل كلّ العالم في جنب عالم الرّوح كقطرة ماء من بحر. و بعد ذلك تفاض العلوم الرّوحانيّة و اللّدنيّة بلا حرف و لا صوت.

الفصل الخامس في بيان التوبة و التلقين‌

اعلم أنّ المراتب المذكورة لا تحصل إلّا بالتّوبة النّصوح و بالتّلقين من أهله كما قال اللّه تعالى: ... وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‌ ... [الفتح: الآية 26].- أي: كلمة


[1] - رواه البخاري( 3/ 1185)، و مسلم( 4/ 1174)، و أحمد في المسند( 2/ 313، 369، 407، 416، 438).

اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست