فكلّ هذه الآلام و الأسقام قد تعتري قلب
السالك، و بعد التأمّل و التدبّر يلتفت إلى كثرتها فعلى السالك أن يتغلّب عليها
بمنازلة جنود الوهم و الغضب و الشهوة، و الظفر بعون الله و توفيقه في هذه المجاهدة
العظمى، متخلّصاً من العوائق و العلائق، و مودّعاً عالم الطبيعة إلى الأبد.
عالم الإسلام الأعظم و آفاته
الإسلام الأعظم
حينها يدخل عالم الإسلام الأعظم حيث يرى نفسه جوهراً فرداً و دُرَّةً
يتيمة، محيطاً بعالم الطبيعة و مصوناً من الموت و الفناء، و خاليّاً من تضارب
الأضداد و يُشاهد في نفسه صفاء و ضياء و بهاء يتخطّى إدراك عالم الطبيعة، فالسالك
في هذه الحال قد أدرك بموته في عالم الطبيعة حياة جديدة، و رغم أنه في عالم
الملكوت و الناسوت ظاهراً، فهو يرى الموجودات الناسوتيّة بصور ملكوتيّة، و كلّ ما
يقابله من الامور المادّيّة بصوره الملكوتيّة، و لا يصل للسالك في هذه المرحلة أي
ضرر؛ لأنه قد وصل إلى قيامة النفس الوسطى، و أزاح الستار عن كثير من الامور
الخفيّة، و شاهد كثيراً من الأحوال العجيبة. و هذه المرتبة هي مرتبة الإيمان
الأعظم التي ذُكِرَت في القرآن الكريم بشكل واضح: