حاضراً في كلّ الأحوال؛ و هي مرحلة الشهود و
الإسلام الأكبر؛ و ما لم تصل هذه الحالة إلى الكمال بحيث تسري إلى جميع أركان
البدن و تتصرّف في سائر الأعضاء و الجوارح يمكن للموانع المادّيّة و المشاغل و
الشواغل الطبعيّة أن تصرف السالك عن هذه الحالة و تسلبه ذلك الشهود ليعود إلى
الغفلة، فيجب على السالك أن يقف بعزم راسخ ليرتفع بهذه الحال إلى مقام الملكة و
يوصلها إلى الكمال حتّى لا تستطيع الشواغل الخارجيّة بعدها أن تغيّر مسيره
الشهوديّ و تتغلّب على حاله، فينبغي أن يسري هذا الإسلام منمقام القلب إلى الروح
حتّى يتبدّل ذلك الإجمال إلى تفصيل، و بأمرمن الروح تُحيط تلك الحالة بكلّ القوى
الظاهريّة و الباطنيّة لتصلمن الحال إلى الملكة.
مقام الإحسان و آثاره
و هذا المقام هوالذي يُعَبِّر عنه العارفون بمقام الإحسان، كما يقول
الله تعالى في كتابه الكريم: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا
فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا و لا يقف تعالى عند ذلك بل
يقول: وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.[1]
فإذا لم يصل المجاهد في سبيل الله إلى مرتبة الإحسان لن يستطيع
الحصول و الوصول إلى سبل الهداية الإلهيّة.