و على السالك أن يستمدّ العون من الألطاف الإلهيّة و الإمدادات
الرحمانيّة المطلقة لإضعاف حبّ الذات حتّى يزيله في النهاية؛ فعليه أن يكفر بهذا
الصنم الباطنيّ الذي هو رأس كلّ المفاسد و ينساه كلّيّاً، بحيث تكون أعماله- عند
التأمّل و التحقيق- كلها للذات الإلهيّة المقدّسة، و يتبدّل حبّ ذاته إلى حبّ الله
تعالى، و لا يتمّ هذا إلّا بالمجاهدة، و بعد طيّ هذه المرحلة لن يكون للسالك أي
تعلّق بالبدن و آثاره حتّى روحه التي تجاوزها، فيكون كلّ ما يعمله خالصاً لله.
فكلّ ما يعمله لله، و إذا سدّ جوعه و هيّأ لوازم الحياة و العيش بقدر الكفاف و
الضرورة فذلك لأنَّ المحبوب الأزليّ يريد حياته و إلّا لا يخطو خطوة من أجل تحقّق
حياة هذه النشأة.
و بالطبع فإنَّ هذه الإرادة للحياة هي في طول الإرادة الإلهيّة لا
عرضها؛ و على هذا الأساس لا يحقّ للسالك أن يسعى للحصول على الكشف و الكرامات، و
يعمل من أجل تحقيقها، بواسطة الأذكار و الرياضات الروحيّة من أجل أن تُطوى له
الأرض، أو يُخبَر عن المغيّبات، أو يطّلع على الضمائر و الأسرار، أو التصرّف في
موادّ الكائنات، أو لاستكمال و بروز القوى النفسانيّة، لأنَّ مثل هذا