الشخص لا يسير في الدرب الذي يُرضي المحبوب،
و لن يكون مخلصاً في عبادته فهو قد جعل نفسه المعبود، و سار لقضاء حاجاته و تحقيق
رغباته الخاصّة، و إن كان لا يعترف بهذا المنكر فيؤدّي كلّ عباداته- على الظاهر-
في سبيل الله.
و مثل هذا الإنسان ينطبق عليه قوله تعالى:
أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ.[1]
فعلى السالك أن يجتاز هذه المرحلة، و يهجر نفسه المتمسّكة بالأنانيّة. و سَيَأتِي
الكَلَامُ فيه إن شاء الله تعالى.
و عندما يصل السالك إلى هذه المرحلة سوف ينسى- تدريجيّاً- نفسه التي
كان يحبّها لله، فتضمحلّ ذاته، و لن يرى بعد ذلك غير الجمال الأزليّ و الأبديّ،
فيغمره ذلك البحر اللامتناهي، و عندها لن يبقى له أي أثر.
و على السالك أن يحذر- في تلك الحرب النفسيّة- حيل الشيطان و جنوده،
حتّى يتغلّب عليهم و يتخلّص من الآثار النفسيّة لذاته كاملًا، و يقتلع جذورها من
الزوايا الخفيّة في القلب، فمع بقاء ذرّة واحدة من حبّ المال و الجاه و المنصب و
الكبر و حبّ النفس و الرئاسة فيه لن يصل أبداً إلى الكمال؛ و لهذا شُوهد