التعلّق بعالم الكثرة عن طريق الزهد و
التأمّل و الدقّة و التفكّر في ضعة الدنيا و عدم فائدة التعلّق بها، فنتيجة الزهد
انعدام الرغبة و الميل إلى الأشياء، و يترتّب عدم الفرح بالامور التي تجلب النفع
المادّيّ له، و عدم الحزن من الوقائع التي تؤدّي إلى ضرره المادّيّ.
لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما
آتاكُمْ.[1]
و هذا لا يتنافي مع الحزن و الفرح في الله؛ لأنَّ هذا الفرح ليس من
حبّ المال و المصالح و الاعتبارات الكاذبة، بل من جهة أنه يرى نفسه غارقاً في بحر
إحسان الله و كرمه.
و بعد طيّ هذه المرحلة يلتفت السالك إلى أنه يُحبّ ذاته حبّاً
مفرطاً، و أنَّ هذا الحبّ يصل إلى درجة العشق، و أنَّ كلّ ما يؤدّيه و كلّ جهاده
ناشئ من فرط حبّه لذاته؛ لأنَّ إحدى خصائص الإنسان حبّه لنفسه بالفطرة، و تضحيته
بكلّ شيء من أجلها، بل الاستعداد لإبادة أي شيء من أجل بقائها. و التخلّص من هذه
الغريزة صعب جدّاً، و مواجهة هذا الحسّ- الذي هو حبّ النفس- و مجاهدته من أعقد
المشاكل، و ما دامت هذه الغريزة باقية لن يتجلّى نور الله في القلب، و بعبارة
اخرى: إذا لم يتجاوز