حقيقة الذكر عبارة عن ملاحظة المحبوب و قصر
النظر على جماله من بعيد، و النظر إلى المحبوب جائز عند غضّ البصر عن غيره
بالمرّة، لأنَّ المحبوب غيور و من غيرته أنَّ العين التي تنظر إليه لا ينبغي أن
تنظر إلى غيره، عميت العين التي ترتفع عنه لتنظر إلى الغير، و رؤية غيره تتنافى مع
غيرته، و تكرار هذا الأمر بمنزلة الاستهزاء، و المحبوب يردّ على هذا الاستهزاء
بحيث لا يبقى للناظر نظر:
نعم، هناك نوع من الذكر جائز في نفي الخواطر، و هو أن لا يكون المراد
من الذكر النظر إلى المحبوب، بل ردع الشيطان، مثل الذي يريد أن يخرج الآخرين من
المجلس فيدعو محبوبه، فالغرض هنا التخويف و تهديد الغير، و بهذه الطريقة إذا هجم
عليه خاطر في حال الاشتغال بنفي الخواطر بحيث يصعب دفعه، يشتغل بالذكر من أجل
رفعه.
أمّا طريقة محقّقي الطريق و العرفاء الواصلين، فهي أنهم يأمرون
المبتدئين- أوّل الأمر حين تعليمهم و إرشادهم- بنفي