و ليُعلم أنَّ المراقبة من أهمّ شروط السلوك، و قد أكّد عليها
المشائخ العظام، بل قد عدّها الكثير منهم من اللوازم الحتميّة للسير و السلوك،
لأنها بمنزلة الحجر الأساس، فالذكر و الفكر و سائر الشروط الاخرى مبنيّة عليها،
فإذا لم تتحقّق المراقبة لا يكون للذكر و الفكر أي أثر. و المراقبة بمنزلة اجتناب
المريض عن الغذاء اللامناسب، و الذكر و الفكر بمنزلة الدواء، فما لم يبتعد المريض
عمّا لا يناسبه من الطعام، يعود الدواء بلا أثر، بل قد يؤدّي إلى نتيجة عكسيّة،
لهذا فإنَّ الأساتذة العظام و مشايخ الطريقة منعوا عن الذكر و الفكر دون المراقبة،
و هم ينتخبون الذكر و الفكر حسب درجات السالك.
المؤاخذة، المسارعة، الحبّ
السابع: المحاسبة
و هي عبارة عن اتّخاذ وقت معيّن في الليل و النهار يقوم خلاله
بمحاسبة نفسه عن كلّ ما عمله في ليله و نهاره. و إلى هذا الأمر إشارة في حديث
الإمام موسى بن جعفر 7 في قوله: لَيْسَ مِنَّا
مَنْ لم يُحَاسِبْ نَفْسَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً.
فإذا تبيّن له أنه قد أخطأ، فعليه أن يستغفر، و في حال عدم الخطأ يجب أن يشكر الله
تعالى شأنه.