أفراد البشر، وَ
الشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ، و على هذا الأساس يتّضح أيضاً
أنّ الفيوضات الإلهيّة ليست خاصّة بفرد دون فرد، بل إنَّها تتّجه من الصقع
الربوبيّ و مقام الرحمة اللامتناهية بنحو غير متناهٍ إلى عموم أبناء البشر من
المسلم و اليهوديّ و النصرانيّ و المجوسيّ و عبَدَة النار و الأصنام، لكنَّ
الخصوصيّات الموجودة في قابليّاتهم- بسوء اختيارهم- تصير سبباً لأن تكون هذه
الرحمة الواسعة عند البعض باباً للسرور و البهجة، و عند البعض علّة لإيجاد الغمّ و
الحزن.
المراقبة في جميع الأحوال
السادس: المراقبة
و هي أن يكون السالك في جميع الأحوال مراقباً و منتبهاً لا يتجاوز
تكليفه، و لا يتخلّف عمّا عزم عليه.
و المراقبة معنى عامّ، فهي تتفاوت باختلاف مقامات و درجات السالكين و
منازلهم. ففي بداية السلوك تكون المراقبة عبارة عن اجتناب ما لا يتماشى مع دين
السالك و دنياه، و الإبتعاد عمّا لا يعنيه، و السعي لئلّا يصدر منه ما يسخط الله
في القول و الفعل، ولكن شيئاً فشيئاً تشتدّ هذه المراقبة و ترتقي درجة فدرجة، فقد
تتمثّل في التوجّه و الإنتباه إلى سكوته أو إلى نفسه، و قد ترتقي فتكون عبارة عن
التوجّه لمراتب حقيقة الأسماء و الصفات الكلّيّة الإلهيّة. و سوف نبيّن إن شاء
الله مراتبها