اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 163
و هو من العلم الذي أخبر عن رسول اللّه 6، و قال: «إنّ من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه إلّا
العلماء باللّه»[1].
بيان الغربة
قال: (حقيقة الغربة الرّجوع إلى الحقّ، بلا طريق، و لا شكل).
أقول: الغربة بمعنى الوحدة، يقال شيء غريب؛ أي وحيد لا يشاكله غيره،
و منه الغربة بمعنى مفارقة الوطن المألوف إلى فضاء الوحدة غالبا، و معنى الرّجوع
إلى الحقّ بلا طريق و لا شكل، أن يرجع منه إليه به، فلا يتصوّر طريق؛ لأنّه مسافة
بين مبدأ و منتهى يتغايران، و المبدأ فيما نحن بصدده عين المنتهى، و لا شكل، أي
مثل تأباه، بل الحقّ يرجع منه إليه؛ إذ حقيقة الوحدة تأباه.
و قال: (الغربة فقد كلّ السّلو).
أقول: هذه الغربة بمعنى مفارقة الوطن و الأليف. لأنّ فقد السّلوّ
منها، و الإنسان غريب في الدنيا، لا يفارقه الوجد إلّا عند الرّجوع إلى دار
القرار.
و قال: (وجدك في الغربة من وجد الفرقة).
أقول: الوجد هنا بمعنى الحزن؛ أي جزعك في الدنيا من وجدان فرقة
الوطن، المألوف عند اللّه تعالى.
و قال: (ذقت المرارات كلّها، فلم أجد أمرّ من غربة مزجت بحيرة).
أقول: أخبر أنّه ذاق المرارات كلّها، فلم يجد أمرّ من مفارقة الوطن
المألوف عند مليك مقتدر، ممزوجة بمرارة الحيرة في طلب الاهتداء إليه.
و قال: (الغربة موافقة الاسم).
أقول: أي التوحيد و التفرّد أن يتسمّى العبد بالأسماء الإلهيّة؛
لأنّه دليل فنائه في الحقّ، و بقائه به.
[1] - رواه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب، حديث
رقم( 802)[ 1/ 210]؛ و أورده المنذري في الترغيب و الترهيب، حديث رقم( 141)[ 1/
58].
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 163