اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 155
في الشيء للعهد الذهني، و المعهود الحقّ،
كأنّه لاشتغال الضمير به معهود، و كنّى بالشّيء عن كونه أعرف المعارف من حيث إنّه
أظهر الضروريات.
بيان المكر و الاستدراج
قال: (لا يخلو طريق اللّه من حاجب و ماكر، و في الطريق ألف بحر، و
لكلّ بحر ألف سفينة، و في كلّ سفينة ماكر و حاجب، فمن ركب السفينة فلا بدّ له من
رؤية الماكر، ثمّ إنّ عند أهل الحقيقة، و السالكين طريق المخاطرة، و الذاهبين إلى الحقّ
في خفاء صفاء الماء، و الغارقين في بحر التوحيد، و الذين عبروا البحار بلا رؤية
بحر، و لا رؤية سفينة، أنّ السفينة مكر بعينه، و البحر حجاب.
فمن يرى الحجاب بعجزه، و برؤية نفسه، و طلب سلوكه، فلا بدّ له من
سفينته، و هو ممكور لها.
و من يرى الحجاب بحقيقة وجده، و مشاهدة حقّه، غيّب عنه المرئيّ حقيقة
الرؤية، و أمن البحر و الحجاب، فعبر البحر بلا رؤية بحر، و ذلك لغلبة استماع
النداء و الدعوة، و هو طريق أهل التجريد و المخاطرة).
أقول: اشترك المكر و الكيد و الاستدراج في معنى واحد، و هو إخفاء
مراد في غير مراد، لتوهّم أنّه هو المراد، و هذا المعنى من اللّه تعالى في حقّ
الكفار، و إمهالهم في ظاهر النعمة من الصحّة، و العافية، و الغنى، و تأخير عقوبتهم
على ما كانوا يفعلون من العناد، و الجحود؛ ليتمادو في عصيانهم و طغيانهم، و يتضاعف
عذابهم؛ كما قال سبحانه: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ
(178) [آل عمران: الآية 178].
فإمهالهم حيث يكون سببا بحسبانهم الخير لأنفسهم، مع إرادة الشرّ من
حيث لا يعلمون، و معنى المكر و الكيد و الاستدراج، قال سبحانه: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَ أَكِيدُ كَيْداً (16)
فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17)
[الطّارق: الآيات 15- 17]، و قال تعالى:
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ
كَيْدِي مَتِينٌ (183) [الأعراف: الآيتان 182، 183].
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 155