اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 154
أقول: أي الصوفيّ يسع حاله كلّ شيء، و لا
يسع شيء من الأشياء حاله، و هو يتصرّف في كلّ شيء، و لا يتصرّف شيء فيه؛ لسعة
قلبه و إحاطته، لأنّه إذا انشرح بنور اليقين وسع كلّ شيء و أحاط به، و كأنّه سمّي
القلب قلبا لتقلّبه مع الأشياء تقلّب المرآة مع ما يحاذيها من الصور.
و قال: (التصوّف بحر بعيد القعر، ماؤه الحياة، و غرقه الموت).
أقول: أي هو بحر لا نهاية له، ماؤه علم المعرفة الذي به حياة القلب،
و الغرق موت النفوس عن الحظوظ، و الشهوات.
و قال: (استمرّ نقل الصوفيّ عن المفعول به، و اسمه مضمر في فعله).
أقول: يعني اسم الصوفيّ منقول عن المفعول به، و هو فعل ما لم يسمّ
فاعله، من المصافاة، و هي الموالاة الصافية عن كدورات العلل، أقيم المفعول به مقام
الفاعل، تقديره صوفيّ المسمّى صوفيّا، فاسمه مضمر في فعله.
بيان وصف الطريق
قال: (طريق اللّه عفي و درس، لا يوصف لعبد، قد بقي اسمه للحجّة، و
ذهبت آثار المحجّة، و إنّما درس الطريق لقلّة الناس، و غفلة الغفلة، و قلّة سلوك
الناس فيه، بل الطريق من الحقّ واضح، و إنّما أخفي لتخليط الناس، و تغيّر الزمان).
أقول: ظاهر هذا القول مستغن عن البيان، و حاصل معناه أنّه حكم على طريق
الحقّ سبحانه بالادراس لقلّة الناس، و الانطماس لقلّة سالكيه، ثمّ أخبر عنه
بالوضوح، و أحال إخفاءه على تخليط الناس، و تغيّر الزمان، و إنّما حكم على بقاء
اسمه بأنّه للحجّة؛ لأنّ حجّة اللّه تعالى على الناكبين عنه.
قال: (الطريق إلى كلّ شيء بمقدار الشيء، و الشيء معروف في أصله،
موصوف بطريقه).
أقول: أراد أنّ الطريق إلى كلّ مطلوب بحسبه، إن كان واضحا فطريقه
واضح، و إن كان غير واضح فطريقه كذلك، و المطلوب الذي توجّه إليه طلبة الحقّ واضح،
معروف في أصله، موصوف بكيفيّة الطريق إليه، فلذلك يتّضح طريقه، بل هو أعرف المعارف
و أوضحها، و كذلك طريقه أوضح الطرق، و اللّام
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 154