اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 138
و قال: (من نظر في وقته إلى وقته فاته
وقته).
أقول: بيّن بهذا الفصل سبب فوت الحال، و هو النظر إليه، لا إلى من
أنزله إليه، لأنّ الناظر إلى المحوّل في حاله لا يفوته الحال.
و قال: (الفطنة حفظ الوقت، و الكياسة معرفة الوقت).
أقول: الوقت الأوّل بمعنى الحال الخاصّ، و الثاني بمعنى الحال
العامّ، أي الفطن الحقيقيّ هو الذي يحفظ حاله الذي بينه و بين الحقّ، برعاية آدابه
و شرائطه، و الكيّس من يعرف الأحوال و الآداب المتعلّقة بها، فالفطنة أخصّ من
الكياسة، إذ لا يتمّ الحفظ إلّا بالمعرفة.
و قال: (من غاب عن نفسه في وقته فوقته له، و من نظر في وقته من وقته
إلى نفسه فوقته عليه).
أقول: فرّق بين الحال الذي هو في تصرّف صاحبه، و بين الحال المتصرّف
فيه؛ بأنّ من غاب في حاله عن حظّ نفسه منه، كان الحال له، أي في تصرّفه، و من نظر
فيه منه إلى نفسه، أي طلب حظّها منه، كان الحال له، مسيطرا عليه، و هو في تصرّفه.
بيان الجمع و التفرقة
قال: (الجمع سرّ الجامع، و التفرقة علمه).
أقول: الجامع اسم من أسماء اللّه تعالى، و سرّه معنى «كنت كنزا
مخفيّا»[1]، حيث «كان
اللّه و لم يكن معه شيء»[2]، و التفرقة
في هذا الجمع بروز الذات الواحدة، من وحدة الجمع إلى كثرة تفرقة الأسماء، و
الصفات، و الأفعال، و هذه التفرقة كانت في عالم الأمر علما، فصارت في عالم الخلق
عينا، فلذلك قال: (الجمع سرّ الجامع)، و (التفرقة علمه) إشارة إلى أصلهما.
[1] - أورده العجلوني في كشف الخفاء، حديث رقم( 2016)[
2/ 173].