اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 137
و قال: (من غفل عن وقته في وقته فاته وقته،
فإن وجد وقته في غير وقته كان ذلك وجد الغير، و إن كان ذلك الغير وقتا، فوقت الغير
بعد فوت الوقت مكر، و الغير وقت ردّ فيه وقت، و وقت يجرّد الوقت عن الوقت، و صار
الوقت حجّة الوقت، فما أعزّ الوقت!).
أقول: كلّ وقت ذكره مع (في) فهو بمعنى ظرف الحال، و المذكور بغير
(في) بعضه بمعنى الحال، و بعضه بمعنى الظرف، و قوله: (فاته وقته) يحتمل معنيين، و
ذلك إشارة إلى الوجد بقرينة وجد، و اللّام في الغير عوض عن المضاف إليه، أي غير
الوقت.
و قوله: (ما أعزّ الوقت) للتعجّب، يعجب من عزّته و شرفه، و قد أصاب
في ذلك، فحينئذ التعجّب يعني من غفل عن حاله في وقته و زمانه، فاته حاله و زمانه،
فإن وجد حاله في غير زمانه الماضي، كان ذلك الوجد وجد غير الحال الفائت، و إن كان
ذلك الغير حالا، فحال غير الوقت بعد فوته مكر و خديعة، و غير الوقت الفائت وقت ردّ
فيه حال، و حال مجرّد الحال عن الوقت، و صار الحال حجّة الحال، أي برهانه، فما
أعزّ الحال!
بيانه: أنّ العبد قد يغفل في وقته عن حاله فيفوته الحال، ثم إنّه قد
يجد حاله بعد ذلك في وقت آخر، و قد لا يجد، فإن وجده كان الموجود غير ما فاته
حقيقة؛ فإنّ الفائت كان حالا في وقت لا يعود أبدا، فلا يعود حاله بعينه، و إلّا
لعاد الوقت أيضا.
و إن كان ما يوجد في وقت آخر حالا مثله، فليس هو هو بعينه، لكنّه
شبيه بالحال الفائت، و ذلك الحال لمّا خيّل إلى صاحبه أنّه هو الفائت بعينه، و هو
في الحقيقة غيره، كان نوعا من المكر به، و الوقت الذي يردّ فيه حال المشبّه لا
يكون المراد، و لا حال الحال مجرّدا عن وقته الفائت، و يكون ذلك الحال حجّة الحال
الفائت، يتبرهن به وجوده مجرّدا عن لباس وقته الفائت، فما أعزّ الحال!
و إنّما تعجّب من عزّته، لأنّ الوقت على كيفيّته قليل الوجود، لا
تتفطّن له إلّا الأذهان الصافية، و القلوب النيّرة.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 137