اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 139
و الجمع و التفرقة من اصطلاحات الصوفيّة،
يعنون بالجمع توحيد الوجود، بحيث لا يبقى فيه التمييز بين القديم و المحدث، و
الذات و الصفات و الأفعال، و بالتفرقة التمييز بين الربوبيّة و العبوديّة، و
القديم و المحدث، و الذات و الصفات و الأفعال، و هما حالان شريفان، يطلع نور الجمع
الصرف من الأفق الذاتي في بدوّ أمر التوحيد، و نور التفرقة بعد الجمع من الأفق
الأعلى في نهايته.
و هذه التفرقة تميّز من الصفات المتغايرة في ذات واحدة، و هي الذات
الأزليّة، و الأفعال المتعدّدة الصادرة عنها.
و أمّا التفرقة منها في ذوات متكثّرة، فهي تفرقة مذمومة، ليست من
الأحوال بشيء؛ إذ هي الشرك، و أكثر الناس محجوبون بها عن الجمع، لإقامة رسم
الحكمة، و مصلحة عالم الخلق، إِنَّ فِي ذلِكَ
لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ [النّور:
الآية 44].
و قال: (الجمع جمع المراد قبل إظهار المريد، و التفرقة إظهار المريد
لحقيقة جمع المراد).
أقول: عبّر عن الجمع و التفرقة هنا بعبارة أخرى، يتّحد المقصود منها
بالأوّل، و هو أنّ سرّ المجموع قبل الظهور تتعلّق بإظهاره إرادة الحقّ، المعبّر
عنها بلفظ: «أحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف»[1]،
و كان المريد عين المراد حينئذ، فلمّا أنشأ الخلق، و أظهر سرّ هذه الإرادة فيهم،
وقعت المغايرة و التمييز بين المريد و المراد.
و قوله: (لحقيقة جمع المراد) محلّه النصب بمفعولية المريد، أي الذي
يريد حقيقة المراد الأزلي من المريد الحادث.
و قال: (الجمع و التفرقة حالتان، و اللّه تعالى هو الجامع و المفرّق،
فمن جمعه الحقّ بالحقيقة فرّقه بالعلم، فكان الجمع حقيقة مراده، و التفرقة شرائط
علمه).
أقول: المراد بالحقيقة التي يجمع بها العبد معرفته، فإنّها هي
الدالّة على حقيقة الأمر و وحدته، و بالعلم على الشريعة؛ فإنّه الفارق بين
الأحكام، يقول: