اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 128
و قال: (من ادّعى المحبّة فقد أخطأ، إذا
كانت المحبّة غيورا).
أقول: حكم على من يدّعي المحبّة بالإخطاء، و علّله بكون المحبّة
غيورا، و هذه لطيفة نبّه بها على أنّ المحبّ و المحبوب واحد، و أنّ المقتضي لهذه
الوحدة غيرة المحبّة، و بيان ذلك يحتاج إلى مقدّمة:
اعلم أنّ الغيرة حميّة تنفي الغيريّة، و هي على ثلاثة أضرب:
1- غيرة المحبّ. 2- غيرة المحبوب. 3- غيرة المحبّة.
فأمّا غيرة المحبّ فهي لنفي مشاركة الغير إيّاه في المحبّة. و أمّا
غيرة المحبوب، فهي لنفي الغيريّة بين المحبّ، و المحبوب، و المحبّة؛ و لهذا قيل:
الكلّ واحد.
بيان الدعوى
قال: (الدعوى بالّلسان كذب و زور، و في الطلب بعد و فرقة، و بالإشارة
جسارة).
أقول: الدعوى بمعنى الدّعوة، إلّا أنّها في الاستعمال لإظهار معنى
جميل من النّفس، فكان المدّعي يدعو الناس إلى قبول ما يظهره من نفسه، و لذلك حكم
على أنّ الدعوى باللّسان أنّها كذب و زور؛ لأنّ من يدعو الناس إلى قبول دعواه
بمحبّة الحقّ، يطلب منهم الإقبال عليه، و ذلك اعتباره بنظرهم و قبولهم، و إقبالهم،
و هي وليجة في خلوص محبّة الحقّ، فيكون ممّن يشهد عليه لسانه في مشهد الصدق
بالكذب؛ و لأنّ المدّعي بلسانه حبّ محبوب، و لا يطيعه بجوارحه، كاذب في دعواه،
فيكون المراد من الدعوى باللّسان كونها مجرّدة عن الطاعة، و هذا الوجه أظهر و
أنّسب، و أنشد لرابعة العدويّة:
تعصي
الإله و أنت تظهر حبّه
هذا
لعمري في الفعال بديع
لو
كان حبّك صادقا لأطعته
إنّ
المحبّ لمن يحبّ مطيع
و إظهار المدّعي إمّا باللسان و هذا حكمه، أو بالطلب و الاجتهاد
لتحصيل رضا المحبوب، أو بالإشارة إلى الوجدان بإظهار الوجد، و في هذين الإظهارين
لمّا لم يلزم النظر إلى الخلق و قبولهم و إقبالهم، جعلهما قسيمين للإظهار
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 128